بشكل
مفاجئ ظهر الزعيم الليبي معمر القذافي للمرة الرابعة خلال أسبوع وحث
مجموعة من أنصاره في الساحة الخضراء على حماية ليبيا وأصولها النفطية.
وبنبرة لم تخل من التوتر قال القذافي سنهزم اي محاولة خارجية كما هزمنا المحاولات السابقة.
واعتبر القذافي ان الشعب الليبي وشعوب
العالم اذا لم تكن تحبه فإنها لا تستحق الحياة! واستدرك مخاطبا الغرب
والعالم انظروا الى هذه الجماهير، اذا كانت هذه الجماهير لا تحبني فأنا لا
أستحق الحياة.
وهدد القذافي بفتح جميع مخازن الأسلحة «لتسليح الشعب وتصبح ليبيا لهيبا احمر»، وطلب من أنصاره ان يعبروا عن فرحهم ويغنوا ويرقصوا!
وقد قدر المراقبون الحشد ببضعة آلاف فقط.
إلى ذلك، وفي محاولة قد تكون الأخيرة لإبقاء نظام الزعيم الليبي العقيد
معمر القذافي على قيد الحياة، أقدمت الحكومة الليبية على خطوات اقتصادية
عاجلة لمواجهة تداعيات موجة الاحتجاجات التي وصلت أمس إلى العاصمة طرابلس.
وخصصت الحكومة مليارات الدنانير بشكل
عاجل وقررت تسييل «تحويل فعلي» 6 مليارات دينار ليبي إلى المصارف المتخصصة
«التنمية الزراعي الريفي» لمباشرة منح القروض لليبيين ودعم الأسعار وخاصة
السلع الأساسية.
وقالت مصادر ليبية إن هذه الخطوات تشمل
رفع المرتبات بنسب ما بين 50% إلى 150% وتحديد الحد الأدنى للأجور ولأول
مرة في البلاد بـ 450 دينارا إلى جانب تخصيص منح شهرية بقيمة 150 دينارا
لكل باحث عن عمل طيلة فترة بطالته.
وأوضحت أن تلك الإجراءات تشمل كذلك صرف 500 دينار لكل أسرة ليبية لمدة شهرين لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
امتداد الاشتباكات الى ذلك وبعد 10 أيام، من الانتفاضة ضد
نظام القذافي الذي اتهم معارضيه بأنهم من «اتباع» تنظيم القاعدة وفيما
اشتدت الاشتباكات في العاصمة طرابلس وامتد مسرح الاحتجاجات والتظاهرات من
بنغازي الى طرابلس، ونظمت المعارضة المسلحة نفسها في المنطقة الشرقية
النفطية من ليبيا للتوجه في مسيرة الى طرابلس للإطاحة بالقذافي، وشاهد
صحافيون في بنغازي قلب الحركة الاحتجاجية على مسافة ألف كلم شرق طرابلس
آلاف المتظاهرين متجمعين أمام المحكمة المحلية التي تحولت إلى مقر عام
للانتفاضة وأدوا صلاة الجمعة في احد ميادين المدينة، وكان البعض يخيمون على
مقربة فيما بعض الأطفال يلعبون في دبابة متروكة.
وعلقت دمى على شكل القذافي على مصابيح الشوارع حيث يسير جنود ومدنيون مسلحون دوريات.
وتحدثت معلومات غير مؤكدة عن تواصل المعارك في مصراتة على بعد 150 كلم شرق طرابلس بين معارضي النظام وأنصاره.
وبدا أمس ان المكان الوحيد الذي احتوى
أنصار القذافي هو في العاصمة طرابلس حيث يعتقد ان كتيبة خميس القذافي نشرت
تسعة آلاف مقاتل، فضلا عن دبابات وطائرات وأسلحة ثقيلة وفق معلومات غير
مؤكدة لسكان معارضين للقذافي في البيضاء، كما شهد الجيش النظامي حركة تمرد
في صفوفه وفق هذه المصادر.
وقد أطلقت قوات الأمن الليبية النار على
متظاهرين في عدد من احياء طرابلس لدى الخروج من صلاة الجمعة، على ما أفاد
شهود تم الاتصال بهم هاتفيا.
وقال احد الشهود ان «قوات الأمن أطلقت
النار على متظاهرين بشكل عشوائي وهناك قتلى في شوارع سوق الجمعة». وأفاد
شهود آخرون في احياء أخرى من الضاحية الشرقية للعاصمة مثل بن عاشور وفشلوم
عن «إطلاق نار كثيف على كل من هم في الشارع»، حيث أفاد شاهد عيان في اتصال
هاتفي مع «فرانس برس» عن سقوط قتيلين على الأقل في حي فشلوم برصاص
«ميليشيات» موالية للنظام.
وأكد الشاهد طالبا عدم ذكر اسمه ان «هناك
قتيلان على الأقل والميليشيات استمرت بإطلاق النار على المتظاهرين»، وأضاف
«هناك حشد كبير في الشوراع وهناك مجزرة».
استقالات ديبلوماسية وفي إطار المزيد من التخلي عن القذافي،
أعلن النائب العام في ليبيا عبد الرحيم العبار استقالته من منصبه والانضمام
للمعارضة، وقالت قناة «العربية» ان استقالة العبار جاءت في بيان متلفز وصل
اليها.
وقال العبار في بيانه «نظرا للقسم الذي
أقسمته يوم توليت هذه الوظيفة ان أكون منحازا للحق والعدل مخلصا للوطن
والشعب.. حيث ان ما حدث ويحدث من مجازر وإراقة للدماء لم يشهد لها الشعب
الليبي والتاريخ مثيل وهو فرض منطق القوة والعنف، ولأن ما حدث ويحدث في
ليبيا يتنافى مع مبادئ الحق والعدالة».
وأضاف «انني أعلن التأكيد على تقديم
استقالتي من منصب النائب العام في ليبيا وانني أعلن انضمامي لإرادة الشعب
الليبي المتمثلة في ثورة الشباب في 17 فبراير».
وفي باريس، أعلن سفيرا ليبيا في فرنسا
واليونسكو استقالتهما من منصبيهما احتجاجا على «أعمال القمع في ليبيا»،
مؤكدين «انضمامهما الى الثورة» ضد الزعيم القذافي، في إعلان تلي أمام
السفارة في باريس. وقال السفيران في فرنسا صلاح الدين زارم ولدى منظمة
الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عبد السلام القلالي في
البيان «ندين بشدة أعمال القمع في ليبيا ونعلن تضامننا مع الشعب ودعمنا
لثورة الشعب».
وتابع البيان المشترك الصادر بالعربية
والفرنسية والذي أعادت بثه إذاعة فرنسا الدولية «اننا ننضم الى الثورة، لقد
استقلنا من منصبينا الرسميين»، فيما علا تصفيق بعض الليبيين المتجمعين
أمام السفارة.
وأفاد صحافي في وكالة «فرانس برس» بان
مجموعة من المعارضين الليبيين سيطرت مساء أمس الأول على السفارة الليبية في
باريس وكانت تحتل مكاتبها أمس.
كذلك اعلن مبعوث ليبيا بمجلس حقوق الإنسان الدولي أن البعثة الديبلوماسية في جنيف تخدم الآن الشعب الليبي وإرادته.
وفي مدينة أجدابيا الواقعة في شرق ليبيا، أعلن أفراد الجيش والشرطة في المدينة انضمامهم للمعارضة في المدينة.
وذكرت تلك القوات أنها انسحبت من ثكناتها وانضمت للمعارضة التي تحاول الإطاحة بالقذافي.
وأعلن احد ضباط الشرطة في المدينة أن قوة الشرطة تعلن انضمامها الى الشعب بشكل كامل في ثورة 17 فبراير السليمة.
واضاف ان القوة تعلن انها ستضحي بأرواحها من أجل هذه المنطقة، وتضع كل إمكاناتها من أجل ليبيا حرة.
دوليا، تضاعفت المبادرات الدولية بين
اجتماعات في الامم المتحدة والحلف الاطلسي واقتراح فرنسي ـ بريطاني بفرض
عقوبات وحظر تام على ليبيا. ووجّه الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي
(ناتو) اندرس فوغ راسموسن «إدانة شديدة» لاستخدام ليبيا القوة ضد
المتظاهرين المناهضين للحكومة. وقال راسموسن: «إنه انتهاك صارخ (للقوانين)
ان يوافق نظام الحكم الليبي على استخدام القوة ضد شعبه». وكان راسموسن دعا
الى اجتماع طارئ للحلفاء حول ليبيا وقال راسموسن في غودولو بالمجر «دعوت
الى اجتماع عاجل لمجلس الحلف الاطلسي» الذي يضم سفراء 28 دولة حليفة «للبحث
في ملف ليبيا».
وبحسب وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال
اليو-ماري فقد اقترحت باريس ولندن على مجلس الامن مشروع قرار حول ليبيا
«لفرض حظر تام على الاسلحة» و«عقوبات» و«احالة مرتكبي الجرائم على المحكمة
الجنائية الدولية». وقد ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية بيرنار
فاليرو ان فرنسا أعدت مع الولايات المتحدة وبريطانيا مشروع قرار لمجلس
الأمن الدولي بشأن ليبيا، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
من جهة أخرى قال البيت الأبيض انه «لا
يستبعد أي شيء» في رده على القمع الذي تمارسه الحكومة الليبية ضد انتفاضة
شعبية. وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض غاي كارني للصحافيين لدي سؤاله عما
إذا كانت الولايات المتحدة تدرس خيارات عسكرية: «لا استبعد خيارات ثنائية»
واضاف: «لا استبعد أي شيء». وكان البيت الأبيض قد أعلن في وقت سابق أن
الرئيس الأميركي سيتصل بقادة الدول الأوروبية بهدف تنسيق المواقف لتحديد
الخيارات على خلفية المطالب الدولية بفرض عقوبات وحظر جوي على ليبيا، بهدف
وضع حد لعمليات القمع التي يمارسها القذافي واتباعه على المحتجين.
وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس قد
أعلن أن فرنسا وايطاليا هما الافضل لفرض منطقة الحظر الجوي وبأن الخيار
العسكري أمر غير مستبعد.