"براءة المسلمين" يشعل العالم: غضب وتظاهرات واقتحام لسفارات واشنطن
أشعل فيلم "براءة المسلمين" الذي أنتجه أميركيون نار الغضب في أوساط شعوب العالم كافة، خصوصاً تلك التي يغلب عليها الطابع الإسلامي. نار تنذر بفوضى عارمة تنتظر اعتذارا من مهيني الرسول الأكرم محمد (ص)، حيث لم يتضمن كلام الرئيس باراك اوباما سوى لهجة تحذيرية عقب هجوم بنغازي الذي أودى بحياة السفير الأميركي في ليبيا.
من محيط السفارة الأميركية في القاهرة
شهدت السفارة الأميركية في القاهرة منذ صباح اليوم مواجهات بين رجال الشرطة ومتظاهرين يحتجون على فيلم مسيء للإسلام ولشخص النبي محمد (ص) تمّ إنتاجه في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الصحة إن ثلاثة عشر شخصاً اصيبوا بجروح في هذه المواجهات المتقطعة التي بدأت ليلاً.
كما أكدت وزارة الداخلية أن المواجهات سببها متظاهرون "رموا قوات الأمن المكلفة أمن السفارة بالحجارة وزجاجات حارقة". وسبق أن دعت الحكومة المصرية أمس المواطنين الى "ضبط النفس" في التعبير عن غضبهم في ما يخص الفيلم المسيء للإسلام، وسط مخاوف من عودة التوتر في البلاد بين المواطنين المسلمين والأقباط.
وفي اليمن: اقتحام للسفارة.. وهادي يشاكس شعبه بالإعتذار من الرئيس الأميركي
هذا وسقط قتيل وخمسة جرحى، عندما فتحت قوات الأمن اليمنية النار على المحتجين الذين حاولوا للمرة الثانية اقتحام مبنى السفارة الأميركية. وذكر مصدر أمني وشهود عيان أن المتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة مجدداً من الجهة الشمالية بعد أن تمّ اجلاؤهم من حرم السفارة. وأفاد أحد الشهود أن "المئات من المحتجين لم يغادروا محيط السفارة منذ الاقتحام الأول" و"حاول محتجون مجدداً اقتحام السفارة فردت الشرطة التي تحرس السفارة بإطلاق النار".
في التفاصيل، سبق أن اقتحم متظاهرون غاضبون اليوم مجمع السفارة الأميركية في صنعاء، وقاموا بإحراق عدداً من السيارات في فناء المبنى احتجاجاً على الفيلم المسيئ للإسلام. وانتشرت قوات الأمن المركزي وشرطة مكافحة الشغب بكثافة في المكان، بعد أن استخدمت الطلقات التحذيرية وخراطيم المياه لإخراج المتظاهرين من محيط السفارة. واستمر المئات من المحتجين بالتجمع في مكان قريب من السفارة، مرددين شعارات معادية لليهود وللولايات المتحدة.
وفي ردّه على اقتحام السفارة، دان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بشدة "الإعتداء الغاشم" على السفارة، مؤكداً أن من يقف خلفه "جماعات غوغائية". كما قدم الرئيس اليمني اعتذاره للرئيس الأميركي باراك اوباما، معلناً عن تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الهجوم.
وفي بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، أشار الرئيس اليمني الى أن "هذه المخططات تهدف إلى الإضرار بالعلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية"، مشيراً الى أن "هذه الجماعات استغلت عدم الاستعدادات الأمنية اللازمة، والتي جاءت في ظروف الانقسامات في صفوف الأمن جراء الأزمة السياسية التي نشطت مطلع العام 2011". وأفادت مصادر دبلوماسية أن البعثات الغربية اعطت تعليمات لموظفيها بألا يتوجهوا للعمل في السفارات اليوم.
المالكي يحذر من الفوضى.. ومظاهرات تعمّ المدن العراقية
في العراق، أصدر مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي بياناً دان فيه "تكرار الإساءة الى المقدسات الدينية من قبل أشخاص وجماعات مشبوهة، خصوصاً الفيلم الأخير الذي خلا من أية قيمة سوى امتهان مقدسات المسلمين وقيمهم النبيلة". واعتبر المالكي أن "الرد الطبيعي على هؤلاء المشبوهين وأعمالهم المشينة يكون بالتعاون بين أتباع الديانات السماوية على محاصرة العنصريين وعدم نشر افكارهم الخطيرة والإمتناع عن اللجوء الى العنف والتحلي بمبادئ الإسلام وقيمه الحضارية".
وحذر رئيس الوزراء العراقي من أن "ترك هؤلاء يعبثون دون رادع وعدم أخذ زمام المبادرة لمنعهم، يمكن أن يعرّض عملية التواصل بين الشعوب والثقافات التي نادت بها الأديان السماوية والقيم الانسانية الى الخطر ويفتح أبواب العنف والفوضى". كما دعت القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي "المؤسسات الأميركية الى محاسبة من يقف وراء انتاج وترويج مثل هذه الأفلام".
من جهة أخرى، تظاهر المئات من أنصار زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر اليوم في بغداد والنجف والكوت، رفضاً لفيلم "براءة المسلمين" المسيء للإسلام. ففي النجف، تجمع المتظاهرون عند ساحة ثورة العشرين وسط المدينة تلبية لدعوة الصدر، حيث وُزّع خلال التظاهرة بيان صادر عن مكتب الصدر طالب "الحكومة العراقية باستدعاء السفير الأميركي في بغداد، وعدم استقبال الضيوف أو أي زائر اميركي في العراق". وطالب البيان ايضاً "مجلس النواب العراقي بسنّ قانون يمنع التعامل مع هكذا دول تسيء للإسلام وللرسول الأكرم"، داعياً "المؤسسة الدينية المسيحية الى ردع هذه التصرفات ومنعها". ورافقت التظاهرة اجراءات امنية مشددة من قبل الشرطة.
أما في مدينة الصدر في بغداد، فقد تظاهر الالاف من أنصار التيار الصدري بينهم أعضاء في مجلس النواب ومراجع دينية. وطالب الشيخ علي العطواني، في كلمة له خلال التظاهرة، "عدم تكرار هذه الأعمال المشينة، وإلا سيكون عندها لكل حادث حديث". ودعا العطواني "الحكومة العراقية الى غلق السفارة الأميركية وتقديم اعتذار من الحكومة الأميركية الى الأمة العربية والإسلامية". كما ناشد "الدول العربية إغلاق السفارات الأميركية في بلدانها". كما خرج العشرات من أنصار التيار في مدينة الكوت، رفضاً للاساءة ذاتها. وفي الناصرية، تظاهر العشرات ايضاً في ساحة الحبوبي وسط المدينة وقاموا بحرق العلم الأميركي.
خمسمئة شخص يتظاهرون في طهران
وكرد فعل على الفيلم المسيء للإسلام، تظاهر حوالى 500 شخص اليوم قرب سفارة سويسرا بطهران، التي تمثل المصالح الأميركية في ايران. وقام نحو 200 شرطي من قوات مكافحة الشغب ورجال الإطفاء بمنع المتظاهرين من الإقتراب من السفارة التي اخليت من موظفيها.
غزة تحتج على الإساءة للرسول (ص) وتطالب بمقاطعة البضائع الأميركية
إلى ذلك، تظاهر مئات الفلسطينيين اليوم أمام مبنى مقرّ المجلس التشريعي في قطاع غزة، احتجاجاً على الفيلم الأميركي المسيء للإسلام. ودعا المتظاهرون الى مقاطعة البضائع الأميركية. كما دعا وزير الأوقاف في الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل رضوان الى "مقاطعة البضائع الأميركية، والخروج بمسيرات غضب غداً الجمعة بعد صلاة الظهر في جميع أنحاء قطاع غزة".
استنفار أمني يعمّ البلدان الآسيوية
وفي ظل موجة الإحتجاجات التي عمّـت بلدان مختلفة، الغى الرئيس الأفغاني اليوم زيارةً الى الخارج خشية حدوث ردود فعل في بلاده، بسبب الفيلم المسيء للإسلام. وضمّت اندونيسيا صوتها الى افغانستان في الطلب من موقع يوتيوب وقف بثّ الفيلم الذي اثار احتجاجات لما تضمنه من إهانة للنبي محمد (ص). وتعمل السلطات الاندونيسية ايضاً مع مزودي الانترنت لمنع الوصول الى الفيلم، بحسب المتحدث باسم وزارة الإعلام غاتوت ديوا بروتو. وقال المتحدث "الفيلم بلا شك إهانة لدين برمته وقد صدم المسلمين الاندونيسيين، ونحن لا نرغب في أن يشعر أي كان أنه استفز وأن تحدث أعمال عنف هنا".
وفي الهند، استنفرت قوات الأمن المنتشرة أمام البعثات الأميركية لديها. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية كولديب سينغ داتواليا "امرنا ضباط الأمن بتوخي الحذر ومنع حصول أي أعمال لا يمكن السيطرة عليها". وأضاف داتواليا "نقوم بالمزيد من الإجراءات الإحترازية، كخطوة استباقية". وفي اسلام اباد، قال المسؤول الكبير في الشرطة خرم رشيد إنه "تمّ تعزيز الاجراءات الأمنية لمواجهة أي تهديد محتمل للسفارة الأميركية"، التي تقع في جيب أمني محصن وسط العاصمة الباكستانية. وأضاف رشيد "نتوقع احتجاجات غداً ونستعد لمعالجتها"، مشيراً الى أن "الدخول الى السفارة الأميركية قد مُنع وتمّ زيادة عدد عناصر الأمن حولها".
أما في بنغلادش، التي شهت تظاهرات شارك فيها عشرات الالاف احتجاجا على نشر رسوم كاريكاتورية للنبي في صحيفة دنماركية عام 2006، فقد أمرت السلطات بنشر المزيد من عناصر الشرطة المسلحة في السفارة الأميركية وغيرها. وفي كوالامبور، عاصمة ماليزيا، حثت السفارة الأميركية الأميركيين على تجنب التجمعات الكبيرة، وحذرت من احتمال اندلاع اضطرابات عقب صلاة الجمعة. في سياق متصل، قالت قوات كوماندوس الشرطة في الفيليبين إن قوات كوماندوس الشرطة تقوم بحراسة السفارة الأميركية في مانيلا، على مدار الساعة منذ اندلاع الاحتجاجات في ليبيا ومصر.