فلنعمل على انشقاق الجنرالات.. انديك: السعودية وقطر تولّتا التسليح في سورية
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Admin
المساهمات : 632 تاريخ التسجيل : 18/02/2011
موضوع: فلنعمل على انشقاق الجنرالات.. انديك: السعودية وقطر تولّتا التسليح في سورية الخميس سبتمبر 06, 2012 10:35 pm
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة] في 1 آب، قدم مارتن أنديك شهادة أمام لجنة استماع العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ حول " الخطوات التالية في سورية". خلال شهادته، تحدث مارتن إنديك عن الأزمة الإنسانية في سورية، حيث فر مئات آلاف السكان في مدينتيْ دمشق وحلب الرئيسيتين هرباً من القتال وعبروا الحدود إلى داخل الأردن، تركيا ولبنان.
سيدي الرئيس شكراً لكم لإتاحتكم الفرصة لي للتوجه إلى لجنتكم المحترمة ومعالجة مسألة ملحة وبالغة الأهمية بالنسبة للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط. إن الوضع في سورية اليوم مصدر معاناة إنسانية هائلة مع سقوط أكثر من 100 ضحية من المواطنين السوريين في اليوم، ومع عدد الضحايا المتراكم الذي فاق 20000 شخص. والآن تلوح أزمة لاجئين كبرى: إذ يفر مئات آلاف الناس من القتال الدائر في مدينتيْ دمشق وحلب الرئيستين ويعبرون الحدود السورية مع الأردن، تركيا ولبنان. إن صور المدفعية السورية والطائرات الحربية التي تهاجم ضواحي حلب القديمة، والتقارير الصادرة عن المجازر المذهبية، والنقاش المفتوح عن الظروف التي قد يتم بها استخدام ترسانة سورية من الأسلحة الكيماوية، والمؤشرات عن العناصر الجهادية المنضمة إلى المعركة، كلها تشير إلى صراع تشتد حدته بحيث أن عدد الضحايا لا بد وأن يرتفع، ربما بشكل كبير. وإذا ما كانت سورية " تخرج عن السيطرة" بالفعل، كما أعلن مؤخراً وزير الدفاع بانيتا، عندها فإن ما شهدناه في الأشهر الستة عشر الماضية من الثورة قد يكون مجرد نذير لكارثة مقبلة أكبر بكثير. هذا الأمر، بشكل خاص، مثير للقلق لأن سورية ليست كأي بلد عربي آخر شهد ثورة منذ كانون الثاني 2011. إذ يمثل النظام الأقلية من الطائفة العلوية التي يبلغ عدد أفرادها حوالي 1.5 مليون نسمة وتتمتع هذه الأقلية العلوية بدعم الطائفة المسيحية بعددها الإضافي البالغ 202 مليون نسمة. هذا يمثل 20 بالمئة من السكان تقريباً. فالعلويون خائفون من أنه إذا ما سقط النظام فسوف يتم ذبحهم. – حيث أن لا مكان لهم في سورية ما بعد الأسد التي يهيمن عليها السنة. ولم تنتج ستة عشر شهراً من القتل حتى الآن أية انشقاقات كبرى عن هذه الأقليات الطائفية. فقط الضباط السنة، الديبلوماسيون والنخب من رجال الأعمال يقطعون صلاتهم مع النظام. ومع ظهورهم المستندة إلى الحائط، يعتبر النظام العلوي خياره هذا بمثابة خيار ثنائي – إما أن يَقتل أو أن يُقتل. ولدى النظام قوة قتالية مسلحة جيداً مؤلفة من 300000 جندي ربما، وقوة شبه عسكرية مؤلفة من عدة آلاف– المعروفة " بالشبيحة" المخيفة- إضافة إلى دعم إيران وحزب الله لمواصلة القتال حتى الموت.
رغم أن لدى النظام والداعمين الأساسيين له الإرادة بمتابعة القتال،مع ذلك، من المستحيل التصور بأنهم سينتصرون على أكثرية سنية لديها كل الحق بالشعور بالغضب بسبب انغماس الأسد بالقتل والتي تكتسب قوة باكتسابها خبرة قتالية وبحصولها على دعم عسكري خارجي من دول سنية هي تركيا، قطر، والسعودية. وقد تخلى النظام أساساً عن سيطرته على قسم كبير من البلاد وحدوده؛ والسوريون الأكراد مشغولون الآن بتأسيس منطقة الحكم الذاتي في الشرق؛ الاقتصاد في سقوط مريع؛ كما أن العزلة الدولية لسورية في تزايد. بما أن هذا الوضع يعرض بأن الأمور ستصبح أسوأ بكثير قبل البدء بالتحسن، وبأن المعاناة الإنسانية ستتزايد فحسب، بشكل كبير ربما، فما الذي ستفعله الولايات المتحدة؟
من المجدي في هذه الظروف البدء بتحديد المصالح الجوهرية الأميركية في سورية، الموجودة، جيواستراتيجياً، في قلب المنطقة العربية- الإسرائيلية - على الحدود مع لبنان، تركيا، العراق، الأردن وإسرائيل- والتي عملت كقناة لجهود إيران للدفع قدماً بمحاولتها للهيمنة على هذه المنطقة الحساسة. وقد أشار هنري كيسينجر، بحسب ما هو مشهور، إلى أن لا حرب عربية- إسرائيلية من دون مصر ولا سلام عربي – إسرائيلي من دون سورية. ولهذا السبب، سعت الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى إحضار سورية إلى معسكر السلام مع إسرائيل لتدعيم مصلحتين إستراتيجيتين أساسيتين: الاستقرار في منطقة متفجرة إنما حيوية؛ وأمن إسرائيل. وفي ذلك السياق، فإن قطع القناة السورية التي تستخدمها إيران لتعزيز حالة اللا استقرار على حدود إسرائيل من خلال وكيليها: حزب الله وحماس أمر استراتيجي ملح. وبشكل مشابه، فإن منع سورية من نشر أو استخدام أسلحة الدمار الشامل يخدم مصالحنا الاستراتيجية. إن تعزيز الاستقلال اللبناني عن سورية وردع سورية عن زعزعة الاستقرار في الأردن مصلحتان أميركيتان مهمتان رغم وزنهما الأقل استراتيجياً. أخيراً، للولايات المتحدة مصلحة في الدفع قدماً بحقوق الإنسان للشعب السوري، انسجاماً مع مواصلتها العمل على حرية وكرامة شعوب العالم العربي.
أما في البلدان العربية الأخرى حيث ثار الشعب ضد حكامه السلطويين، فقد كان ينبغي للولايات المتحدة أن توازن ما بين قيمها ومواصلة العمل على مصالحها. ففي ليبيا، على سبيل المثال، كان لدى الولايات المتحدة مصلحة استراتيجية محدودة جداً لكنها اختارت دعم التدخل العسكري بسبب رغبتها بمنع حصول مجزرة مؤكدة تقريباً للمواطنين في بنغازي. أما في البحرين، وعلى العكس من ذلك، فقد اختارت الولايات المتحدة وضع مصلحتها الاستراتيجية في استقرار السعودية المجاورة فوق دعم حقوق المواطنين البحرينيين، الذين كان ثلثهم في الشوارع يطالبون بإصلاحات أساسية وجوهرية. في كل الأحوال، ليس هناك في سورية علاقة توتر كهذه بين المصالح الاستراتيجية الأميركية والهواجس الأميركية بخصوص حقوق الإنسان للشعب السوري. فكلاهما سيُخدمان جيداً بالإزالة السريعة لنظام الأسد، خاصة لأن استمراره بالسلطة لن يسبب المعاناة الهائلة للشعب السوري فقط، بل لأنه طالما هو موجود في السلطة فإن احتمال الانزلاق في الفوضى التي يمكن أن تلحق الضرر بمصالحنا في سورية والمنطقة ككل سيكون أعلى ( استقرار الدول المجاورة لسورية، اجتناب الصراع مع إسرائيل، منع استخدام أو انتشار الأسلحة الكيماوية السورية، اجتناب انتشار صراع مذهبي سني / شيعي، إلخ). بالتالي، فإن زمن سقوط النظام، والكيفية التي سيخرج بها من السلطة أصبحا سؤالين هامين بشكل أساسي بالنسبة للسياسة الأميركية. إلا أن إدارة أوباما تجد نفسها عالقة في هذا الوضع. لديها سبب وجيه لتكون مترددة بالتدخل عسكرياً: فالشعب الأميركي قد سئم بعد عشر سنوات من الحرب في الشرق الأوسط الكبير؛ المجتمع الدولي منقسم، أقله في ذلك الوقت؛ الجيش السوري لا يزال يتمتع ويستحوذ على قدرات هامة – بما في ذلك الأسلحة الكيماوية – التي يمكنها أن تجعل ثمن التدخل عالياً؛ والمعارضة منقسمة وعاجزة حتى الآن عن تقديم بديل متجانس بحيث يمكن للولايات المتحدة مد يد المساعدة بشكل فاعل لاستلام السلطة. كل هذه العوامل يمكن أن تتغير، وسوف تتغير ربما بمرور الوقت: الشعب الأميركي سيشعر بغضب متزايد إزاء ذبح الأبرياء بالجملة؛ ستجد كل من روسيا والصين نفسيهما، وعلى نحو متزايد، في وضع يتعذر الدفاع عنه بما يخص إعاقة عمل مجلس الأمن الدولي؛ يرجح تحطم الجيش السوري بظل ضغط الصراع المطوَّل مع مواطنيه؛ والمعارضة قد بدأت أساساً بالتكتل حول برنامج أكثر انسجاماً لعملية انتقالية في سورية ما بعد الأسد.
في كل الأحوال، كلما طال أمد تكشف هذه التطورات، كلما أصبح من الصعب أكثر أن تكون هذه التطورات مؤثرة بعملية انتقال منظمة بما يتعلق بسورية ما بعد الأسد. فالعلويون يمكن أن يقصدوا إنشاء "دولة رديفة" في الجبال المحيطة بطرطوس واللاذقية، بحيث ينتهي الأمر بحرب أهلية مذهبية مطولة يمكن أن تولد تطهيراً عرقياً، وأعداداً كبيرة من النازحين واللاجئين، وتدفقاً محتملاً إلى لبنان ( حيث يهيمن حزب الله الشيعي على المجتمعين السني والمسيحي المضطربين)، والى العراق ( حيث تواجه حكومة شيعية في بغداد الآن تمرد القاعدة)، وربما البحرين ( حيث يحكم ملك سني أكثرية شيعية في حالة تمرد وحيث إيران قد تلعب بشكل جيد لعبة " الثأر" مقابل خسارة حليفها السوري). لذا فإن الوقت مسألة جوهرية، وينبغي الشروع بالعمل برغم القيود العديدة. وأعتقد بأن دمجاً للخطوات التالية مسألة ضرورية الآن.
1. العمل مع الروس على عملية سياسية: لأن الدعم الروسي للنظام أمر يتعذر الدفاع عنه على نحو متزايد، ولأننا بحاجة لغطاء مجلس الأمن الدولي لعدد كبير من الخطوات الأخرى، فإن من الحيوي بالنسبة لنا إقناع الروس بأن بالإمكان حماية مصالحهم بشكل أفضل بالعمل معنا بدلاً من العمل ضدنا. وكانت الوزيرة كلينتون تعمل على هذه القضية بجهد لكن ما أن يبدأ الروس برؤية الضوء، فسيكون من المهم بالنسبة للرئيس إشراك بوتين على أساس أكثر انتظاماً و كثافة للمساعدة على إزالة عدم ثقته بدوافعنا وإقناعه بأن لدينا مصلحة مشتركة في منع صعود التطرف الإسلامي قرب حدوده بالعمل معاً على عملية انتقال منتظمة. ذلك الانتقال المنتظم يبدأ مع تنحي الأسد لإطلاق حوار سياسي أميركي – روسي. وفي اللحظة التي يصر فيها الروس على أن يكون الحوار مع الأسد، الأمر الذي لا يعتبر نقطة بداية بالنسبة للمعارضة، فإن علينا إيجاد طريق لإقناعهم بأن المساعدة على إزاحة الأسد هي الطريقة الوحيدة لإنتاج حوار الذي يريدونه.
2. ضمان المسيحيين والعلويين: طالما أن هذين المجتمعين خائفان على بقائهما نفسه فإنهما سيظلان ملتصقين بالنظام. فهما بحاجة لتلقي ضمانات موثوقة بأنه سيتم الحفاظ على حياتهم ومصالحهم في سورية السنية ما بعد الأسد. ومن المرجح أن تكون هذه الضمانات مدعومة بقوة حماية برعاية الأمم المتحدة بما أنه ليس لديهما إيمان بالتزامات تنشرها المعارضة. ينبغي أن يكون التخطيط جارياً الآن لقوة القبعات الزرق التي ينبغي أن تكون جاهزة للتدخل إما عندما يتنحى الأسد أو عندما تتم الإطاحة به. لكن لن يكون هناك قوة من هذا النوع من دون التعاون الروسي.
3. العمل على الجنرالات العلويين: إذا ما كان بالإمكان تأمين ضمانات موثوقة لمجتمعهم، فقد يكون هؤلاء الجنرالات أكثر استعداداً لدرس مسألة الانشقاق عن الأسد وجلاوزته. إن وحداتهم موجودة الآن أساساً تحت ضغط لا بأس به؛ لقد تم اختراق قدس أقداسهم الداخلية؛ وينبغي أن يكون بعضهم قد رأى الكتابات على الجدران. وإذا ما استمرت وثبتت عملية الانتقال المنتظمة، فيكون الجيش بحاجة للعب دور عامل الاستقرار الذي يتطلب من الجنرالات ووحداتهم السليمة الانشقاق لصالح المعارضة. بإمكان الروس لعب دور مفيد هنا إذا ما كانوا في الحزام معنا؛ بالإمكان استخدام وسائل أخرى للتواصل معهم. وفي مرحلة معينة، قد يكون من المنطقي أيضاً بالنسبة للوحدات الإسرائيلية والتركية القيام بتدريبات على نطاق كبير على حدودهما مع سورية ( لقد عززا مؤخراً جنودهما هناك). إن مواقع جيش الدفاع الإسرائيلي في مرتفعات الجولان تبعد 40 كلم عن دمشق؛ ولتركيا حدوداً طويلة مع سورية. بإمكان التدريبات العسكرية على جانبي حدودهما أن تجعل تفكير الجنرالات السوريين يدور حول احتمال حرب على ثلاث جبهات إذا لم يتحركوا ضد الأسد ودائرته الضيقة.
4. التنسيق مع العرب، الأتراك، والإسرائيليين: تولت كل من السعودية وقطر زمام المبادرة في تنسيق معارضة الجامعة العربية لنظام الأسد وفي تسليح المعارضة. نحن بحاجة للعمل عن قرب معهم لضمان أن تذهب أسلحتهم إلى العناصر في المعارضة التي لها مصلحة في مستقبل منظم ما بعد الأسد لكل المواطنين السوريين. إن السعوديين والقطرين، تحديداً ، بحاجة للتحذير من إشعال نار مذهبية يمكن أن تنتشر إلى البحرين وتتسبب بعدم استقرار هائل في الخليج.
لتركيا دور أساسي تلعبه في تعزيز الانتقال المنتظم. وقد تحدث كل من رئيس الوزراء أردوغان ووزير الخارجية داوود أوغلو عن إنشاء ممرات إنسانية عبر الحدود التركية في سورية. ومع احتمال وجود تدفق على نطاق واسع للاجئين، قد يكون الأتراك مستعدين قريباً للتحرك. في كل الأحوال، هذا سيتطلب غطاءً من الأمم المتحدة ودعماً من الناتو. يجب أن نكون مخططين لهاتين الحالتين الطارئتين الآن. ينبغي أن القيام بمشاورات عن قرب مع الإسرائيليين، نظراً لمعرفتهم بالجيش السوري ومصلحتهم القوية في ضمان عدم نقل أسلحة سورية الكيميائية إلى حزب الله أو سقوطها في أيدي العناصر الجهادية. قد يكون هناك طرقاً أقل بروزاً يمكنهم مساعدة المعارضة أيضاً.
تناغم المعارضة: إن إحدى أهم التحديات المثيرة للجدل لتحقيق عملية انتقال منتظمة – عدا إقناع الأسد بالتنحي – هي حمل المعارضة على إنتاج قيادة متجانسة وموثوقة تقود ولاء أغلبية الفئات العديدة التي تحملت حتى الآن دورها في الثورة السورية. لقد كان التقدم في هذا المجهود بطيئاً على نحو محبط. ونأمل بأن يكون التركيز الأكبر الآن على المعارضة الداخلية سوف يثمر رسماً أكثر دقة وتفصيلاً لكل هذه المجموعات ما سيجعل من المجهود المبذول لاحقاً لتوحيد هذه المجمعات أمراً ممكناً أكثر. ليس هناك خطوة سهلة من بين هذه الخطوات وليس هناك وصفة أكيدة للنار المشتعلة لإنتاج عملية انتقال منتظمة لسورية ما بعد الأسد. مع ذلك، هناك الكثير من الأمور على المحك بالنسبة لمصالحنا الاستراتيجية والكثير جداً لنكسبه من القيام بكل ما بوسعنا لمنع الانزلاق في الفوضى وذلك بالتصرف بسرعة وحزم.
فلنعمل على انشقاق الجنرالات.. انديك: السعودية وقطر تولّتا التسليح في سورية