منظمات طالبت بتحقيق دولي.. والبرلمان يشرع في استجواب الحكومة اليمن: غضب حقوقي وسياسي من الغارات الامريكية المتكررة واتهامات للنظام بالتواطؤ

صنعاء ـ 'القدس العربي' ـ من خالد الحمادي: أثارت الغارات الجوية المتكررة على الأراضي اليمنية بواسطة طائرات أمريكية بدون طيار حفيظة العديد من المنظمات الحقوقية، كما استغلها سياسيون مناهضون للرئيس عبدربه منصور هادي للنيل من سياساته وانتقادها بتهم السماح للطائرات الأمريكية باختراق الأجواء اليمنية، بذريعة محاربة الارهاب.
وأعلنت العديد من المنظمات الحقوقية استنكارها الشديد للغارات الجوية الأمريكية على الأراضي اليمنية والتي يسقط فيها الكثير من المدنيين اليمنيين، في حين لا تؤثر كثيرا على عناصر وقيادات تنظيم القاعدة.
وشهدت الشهور الأخيرة أكبر نسبة من الغارات الجوية الأمريكية على المناطق القبلية اليمنية، وفي مقدمتها مناطق محافظات أبين والبيضاء وشبوة وحضرموت ومأرب، وكانت نتيجة ذلك سقوط الكثير من الضحايا الأبرياء، فيما لم تسجل كل هذه الغارات الجوية الأمريكية أي تقدم على صعيد مكافحة الإرهاب، أو الحد من عمليات تنظيم القاعدة التي أصبحت تهدد كل شيء في البلاد.
وطالبت منظمتا (هود) و(الكرامة) المعنيتان بحقوق الانسان بتحقيق دولي في ضحايا الغارات الجوية الأمريكية التي استهدفت مدنيين في مدينة رداع بمحافظة البيضاء، وعقدت جلسة استماع لأقارب وأهالي ضحايا هذه الضربة التي وقعت الأحد الماضي، وسقط نتيجتها 12 مدنيا بينهم امرأتان وطفلان، إثر استهدافها سيارة أجرة كان يستقلها مدنيون.
واستنكرت منظمتا هود والكرامة الحقوقيتان في بيان مشترك عنهما (التواطؤ الرسمي) اليمني وما أسمته بـ(الاستحياء الحزبي) لما لحق بالمناطق القبلية من أضرار بشرية جراء انتهاك السيادة الوطنية من قبل الطائرات الأمريكية، ودعتا إلى 'تحرك شعبي وحقوقي لوقف تلك الهجمات التي راح ضحيتها عشرات المدنيين الأبرياء'. '
وفي الوقت الذي استهجن فيه وجهاء المنطقة ومشايخ القبائل هناك هذه الغارات الأمريكية المتكررة على منطقتهم، واستنكروا الجريمة التي ذهب ضحيتها هذا العدد الكبير في غارة واحدة، كشف أقارب ضحايا هذه الغارة الأمريكية التي قصفت منطقة رداع انه لم يتم الاهتمام بالجرحى الناجين من القصف وأنهم يعانون من إهمال متعمد من قبل الدولة ولم يتلقوا أي عناية طبية.
وذكر أحد مشايخ قبائلة قيفة في رداع التي تستهدفها الغارات الجوية الأمريكية بشكل مستمر وهو الشيخ أحمد سعيد الذهب ان الطائرات الأمريكية بدون طيار تحوم ليلاً ونهاراً فوق مناطقهم القبلية ما أدخل الرعب لدى سكان المنطقة وطالب الذهب بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في تلك الانتهاكات ووقف القصف الأمريكي للأراضي اليمنية.
وقال 'إن العدالة والمساواة هي الضمانة الحقيقية لحماية المجتمع من الإرهاب سواء كان إرهاب دولة بالطائرات أو إرهاب جماعات بالأحزمة الناسفة'.
وكشف أنه كان قد تدخل في وساطة قبلية لوضع حد لنشاط العناصر الارهابية في المنطقة، إلا أنه 'كلما توصلنا إلى حل جاءوا لنا بالطائرات'، مؤكدا 'أن هذه طائرات فتنة وليست فقط طائرات تجسس' على حد تعبيره.
وحمّل الناشط الحقوقي في منظمة هود المحامي عبد الرحمن برمان رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني المسؤولية القانونية إزاء السماح لهذه الغارات الجوية التي اعتبرها 'جرائم ترتكب بحق المدنيين'.
وطالب بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية ومن مكتب النائب العام للنظر في ملابسات الهجمات التي تنتهك السيادة اليمنية وتخدش كرامة اليمنيين.
إلى ذلك قال المنسق القانوني لمنظمة الكرامة في اليمن محمد الأحمدي انه من الصعوبة تصديق مزاعم السلطات اليمنية في أنها هي من تقوم بهذه الغارات الجوية التي تستهدف أهدافاً متحركة على الأرض.
وذكر أنه من 'المؤكد أن هذه الهجمات أمريكية'، مشيرا إلى أنها 'لا تقتصر بالضرورة على الطائرات بدون طيار بل هناك تقنيات عسكرية أمريكية متطورة تقوم بهذه المهمات القتالية'، على حد قوله.
وكانت غارة جوية أمريكية استهدفت سيارة مدنية الأحد الماضي في منطقة رداع في البيضاء وأسفرت عن مقتل 12 مدنيا يمنيا بينهم طفلان وامرأتان كانوا عائدين من زيارة للمستشفى.
ونشرت منظمة هود تسجيل فيديو لشهود عيان من الجرحى قالوا فيه 'ان الطائرة التي قامت بالقصف كانت على علو منخفض بحيث يمكنها تسجيل أدق تفاصيل الهدف ومعرفة الطفل من الكبير والمسلح من المدني ومع ذلك قامت باستهداف السيارة المدنية بصاروخين بينهما وقت قصير'.
'وشدد العديد من وجهاء وأعيان محافظة البيضاء على ضرورة الوقف الفوري للغارات الجوية الأمريكية التي تحلق فوق سماء منطقتهم القبلية وتستهدفها منذ أكثر من عام، واعتبروها انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية ولحقوق الانسان. وقالوا ان 'الطائرات الامريكية بدون طيار التي تخترق الأجواء اليمنية أصبحت مصدرا للرعب والخوف بين السكان المدنيين في مناطقهم'.
وكان العديد من مناهضي نظام الرئيس هادي استغلوا هذا الصمت الرسمي إزاء ما يتعرض له العديد من المناطق القبلية من غارات جوية أمريكية بشكل مستمر منذ نحو عام، واتهموا نظام هادي بالتواطؤ وتقديم التسهيلات للأمريكيين مقابل الحصول على دعم مادي ومعنوي لنظامه ومساعدته في وضع حد لاستمرار نفوذ الرئيس السابق علي عبدالله صالح وافراد عائلته في البلاد.
وذكرت العديد من المصادر أن نسبة الغارات الجوية الأمريكية بطائرات بدون طيار تصل إلى معدل 5 غارات في الشهر منذ مطلع العام الجاري، وأن أغلب أهدافها كانت أهدافا مدنية وغالبية الضحايا من المدنيين أيضا، فيما يعتقد أن عددا محدودا من عناصر القاعدة لقوا حتفهم في مثل هذه الغارات الجوية الأمريكية.
وكان العديد من أعضاء مجلس النواب اليمني (البرلمان) طالبوا أمس الأول بالتحقيق في قضية الغارات الجوية التي تنفذها طائرات أمريكية بدون طيار في المناطق القبلية المأهولة بالسكان، بدواعي مكافحة الإرهاب، وطالب البرلمانيون بوقفها، لأنها تضر أكثر مما تنفع.
وأقر مجلس النواب استدعاء وزير الداخلية الدكتور عبد القادر قحطان لاستجوابه في الجلسة البرلمانية المقبلة المنعقدة صباح السبت المقبل، حول ملابسات مقتل 12 مدنيا في مدينة رداع بمحافظة البيضاء.