أذن .. النتيجة
لقد " انقذت" الولايات المتحدة مصر بتصفية ثغرة الدسرفوار في الضفة الغربية للقناة.
أعطت الولايات المتحدة الفرصة الى اسرائيل( بمعونة السدات) لتوجيه ضربة عسكرية قوية الى سورية.
ضمنت الولايات المتحدة أمن اسرائيل بعقد اتفاقيات فصل القوات مع مصر وسورية ، حيث استحدثت مناطق ترابط فيها القوات الدولية واتخذت إلتزامات جديدة بشأن وقف اطلاق النار.
عوضت الولايات المتحدة اسرائيل عن جميع خسائرها في الحرب (بلا ريب ان الخسائر بالافراد والمعدات لا تعني شيئا بالنسبة الى الولايات المتحدة ).
دخلت الولايات المتحدة الشرق الاوسط بمساعدة السادات في محاولة لاظهار انها صانع السلام الوحيد في هذه المنطقة.
شن السادات ثمنا لهذه الخدمات حملة ضد السوفيت هدفها التشهير بالاتحاد السوفيت وبكل من يرتبط معه. علما ان هذا كان ايضا احد الاهداف الرئيسية للولايات المتحدة.
توطدت مواقع السادات في الاشهر الاولى بعد حرب اكتوبر في داخل البلاد على موجة " الانتصارات".
شغلت مصر في الاسابيع الاولى بعد الحرب عن حق موقعا قياديا بين الدول العربية.
بدا ان جميع الاهداف الموضوعة قد تحققت. فهل ان الأمر كذلك؟
ان هذه كلها ظواهر مؤقتة . فبعد مضي عام ...
ماذا حدث لاحقا؟
اهتزت مواقع السادات مجددا في داخل البلاد بسبب التوجه الكامل نحو الولايات المتحدة ، كما لم يطرأ تحسن على الوضع الاقتصادي ، وما كان بوسعه ان يتحسن في وجود مثل هؤلاء الحكام. وبدأت المظاهرات – بدا وكأنها ذات طابع اقتصادي ، لكنها ذات سمة سياسية.والجدير بالذكر ان السادات بدأ مجددا بإعتقال اليساريين. وهذه علامة غير طيبة بالنسبة له.
تراجعت مكانة مصر مجددا. وصارت اللعنات توجه الى السادات في سورية وفي الجزائر ولدى الفلسطينيين ومن جانب القذافي. بينما كان الملك فيصل بن عبدالعزيز الوحيد الذي ابدى رضاه. كما ربطت اواصر المودة بين شاه ايران والسادات . وهذا فقط. ان هذه الانجازات في مجال السياسة الخارجية متواضعة.
وماذا بعد ؟
هل ستنشب حرب جديدة ؟ بتواطؤ او بدونه؟.
يناير (كانون الثاني) 1975
* * *
زرت الاردن بمهمة رسمية في مارس(آذار) عام 1975 . ودعاني ابوزيد الرفاعي رئيس الوزراء لتناول طعام الفطور في بيته. وكان هناك ايضا عبدالمنعم الرفاعي عم رئيس الوزراء عضو مجلس الاعيان وحسن ابراهيم وزير الدولة للشؤون الخارجية الامين العام لوزارة الخارجية وكذلك السفير الكسي ليونيدوفيتش فورونين وشريكي ساشا كالوغين السكرتير الثالث في السفارة.
وفجأة سأل ابو زيد الرفاعي :" أتعرف ان الرئيس السوري حافظ الاسد على ثقة بأن عبور الاسرائيليين الى الضفة الغربية لقناة السويس في اثناء العمليات العسكرية في عام 1973 قد جرى بموافقة السادات ؟".
فأصابتني غصة في حلقي وبحلقت في رئيس الوزراء. فما معنى ذلك ، هل انهم قرأوا افكاري؟ وأبديت دهشتي ، بل حتى نفيت بشكل قاطع مثل هذه الفكرة ، الا انني سألت الرفاعي:" غير مفهوم ، أمر عجيب – وحتى اذا قبلنا بهذا الاحتمال ، فما حاجة السادات الى ذلك؟".
وأعاد الرفاعي السؤال:" كيف لماذا ؟ ان الأسد على ثقة بأن هذا ما جرى فعلا. اما السبب فهو انه كانت ثمة حاجة لاعطاء الفرصة الى كيسنجر من أجل " التدخل" ، ومنحه الحجة لتنفيذ خطته البعيدة المدى " لفصل القوات ودخول الولايات المتحدة الى الشرق الاوسط".
لم أجبه ولم أواصل الحديث حول هذا الموضوع...
وذكر الرفاعي شيئا آخر. فقد كان الاردن يعرف فعلا بقرار مصر وسورية حول بدء العمليات العسكرية لكنه لم يعرف موعد بدئها بدقة. اما الدور العسكري الذي أعطي الى الاردن فهو عدم التحرك وتحشيد القوات على التلال المشرفة على وادي نهر الاردن – من الجهة المعاكسة فقط. ووجب ان يغطي الاردن الجناح الايسر لسورية.
عندما بدأت العمليات العسكرية وظهرت بوادر النجاح غير المتوقع اقترح الملك حسين على مصر وسورية فورا بدء العمليات العسكرية حالما تبلغ القوات المصرية الممرات في سيناء ، بينما تسيطر القوات السورية على مرتفعات الجولان. وأعطى الرئيس السوري موافقته على ذلك فورا. اما السادات فأنه كان يرسل يوميا برقيات تدعو الاردن الى عدم التحرك. وحسب اقوال الملك حسين فأنه كان يرجو الاردنيين عدم التحرك ويبرهن على بكل السبل على ان احتلال اسرائيل ولو " شبر واحد" من الضفة الشرقية سيترك اثرا سلبيا أكثر من احتلال سيناء كلها. وقال لي الملك حسين ان الاردن لم يتحرك طبعا بسبب رد الفعل ذاك ، وكما اظهرت الاحداث انه عمل بشكل صائب. والاردنيون يرتابون ايضا في ان السادات كان يمارس لعبة قذرة.
وقال الاسد في حديث مع الرفاعي انه لن يسمح بأن "تستغل" مصر سورية مرة أخرى ، كما فعلت حين بدأت العمليات القتالية ومن ثم اوقفت اطلاق النار بدون الاتفاق مع سورية ، ومن ثم في عقد مؤتمر جنيف والخروج منه ، وبعد ذلك بدء المفاوضات المباشرة مع اسرائيل بوساطة امريكية وهلمجرا. اذن ذلك هو تقييم الوضع. انه يتفق مع تفكيري ..
وعموما ، لماذا توفي المشير احمد اسماعيل علي ؟ فهو الشخص الوحيد الذي كان يعرف خلفيات الاحداث كلها. لماذا ؟ أو كيف ؟
* * *
لقد ابلغني محيي الدينوف سفيرنا في سورية ان الرئيس السوري حافظ الاسد قال له في 12 أكتوبر (تشرين الاول) حين أوقفت القوات المصرية التي عبرت الى الضفة الشرقية لقناة السويس العمليات القتالية فجأة، انه على ثقة بأن افعال السادات كانت مقصودة ، ووصفها بانها خيانة لسورية.
* * *
يمكن الاطلاع على النسخة الاصلية للوثيقة (باللغة الروسية) على
http://arabic.rt.com/media/files/docs/Vinogradov-1.doc.pdfhttp://arabic.rt.com/media/files/docs/Vinogradov-2.doc.pdfhttp://arabic.rt.com/media/files/docs/Vinogradov-3.pdf * * *
فلاديمير فينوغرادوف
موجز سيرة حياة فلاديمير فينوغرادوف
- ولد في 2 أغسطس(آب) عام 1921 في مدينة فينيتسا الاوكرانية.
- في عام 1944 إلتحق بمعهد منديلييف الكيميائي – التكنولوجي بموسكو.
- في عام 1948 درس في اكاديمية التجارة الخارجية لعموم الاتحاد السوفيتي.
- في فترة اعوام 1939-1943 أدى الخدمة العسكرية في الجيش الأحمر.
- في فترة 1948-1950 ترأس أحد أقسام الممثلية التجارية السوفيتية في بريطانيا.
- في فترة 1950-1952 رقي الى منصب نائب رئيس البعثة التجارية السوفيتية في بريطانيا.
- في فترة 1952-1956 تولى منصب نائب رئيس دائرة التجارة مع البلدان الغربية في وزارة التجارة الخارجية السوفيتية.
- في فترة 1956 -1962 تولى منصب رئيس دائرة التجارة مع البلدان الغربية في وزارة التجارة الخارجية السوفيتية.
- عمل منذ 16 يوليو(تموز)1962 وحتى 3 أبريل(نيسان)1967 سفيرا فوق العادة مطلق الصلاحيات للأتحاد السوفيتي في اليابان.
- في فترة 1967 – 1970 تولى منصب نائب وزير الخارجية السوفيتي.
- في فترة 9 أكتوبر(تشرين الاول) 1970 – 4 أبيل(نيسان) 1974 في منصب سفير الاتحاد السوفيتي في مصر.
- في فترة 1974 – 1977 تولى منصب سفير المهام الخاصة في وزارة الخارجية السوفيتية.
- في فترة 29 يناير(كانون الثاني) 1977 – 2 يونيو(حزيران) 1982 تولى منصب سفير الاتحاد السوفيتي في ايران.
- في فترة 28 مايو (أيار) 1982 – 11 أكتوبر(تشرين الاول) 1990 تولى منصب وزير خارجية جمهورية روسيا الاتحادية السوفيتية الاشتراكية.(وجدت هذه الوزارة في عهد الحكومة الشيوعية وكانت تمارس حصرا مهام سفر المواطنين الى الخارج).
- في فترة 1982 – 1987 – عضو مجلس ادارة وزارة الخارجية السوفيتية.
- في فترة 1987 – 1988 – رئيس الهيئة الادارية لجمعية الصداقة السوفيتية – المصرية.
- في فترة 1988 – 1992 – النائب الاول لرئيس الهيئة الادارية المركزية لجمعية الصداقة السوفيتية – الفنلندية.
- بدأ منذ عام 1990 العمل مدرسا في معهد العلاقات الدولية بموسكو.
- تولى في عام 1992 رئاسة لجنة المنظمات الاجتماعية لدعم تسوية ازمة الشرق الاوسط.
- توفي في 21 يونيو(حزيران) عام 1997 بموسكو.