بيروت وسكانها: الخارطة الأمنية الملف بصيغة PDFمقتطف من الآفتتاحية
منى فواز، منى حرب، أحمد غربية
دعونا نبدأ بالردّ على ما قد يكون الاستجابة الفطرية الأولى لدى قراءة
العنوان، لا يقصد من هذا العمل تقديم تفصيل للأجهزة الفعلية الموكلة مهمة
حفظ الامن في بيروت، فليس هدفنا الإشارة الى مواقع هذا النظام أو تفصيلاته
على ارض الواقع، ولسنا نمتلك تلك المعلومات في الأساس، ولا غايتنا التهجم
على فريق سياسي او آخر. في الواقع هذا العمل هو بمثابة رد فعل لمجموعة من
سكان بيروت ممن تأثرت ممارساتهم اليومية داخل المدينة - ولا سيما في مناطق
المدينة الإدارية حيث تتركز هذه الدراسة بمعظمها- بشكل كبير بالحضور
المتنامي للآليات الأمنية. ومن الممكن القول ان هذا الملف هي دعوة للتفكير
المشترك في الطرق التي غيّر بها "الامن" الممارسات اليومية في بيروت،
والتساؤل عن التسويات التي نقوم بها مقابل قبولنا بهذا الأمن كضرورة حياتنا
اليومية.
الخريطة أ - الآليات الأمنية المرئية في مدينة بيروت الإداريةالخريطة ب ـ التقسيم الرسمي / الخاص في الآليات الأمنية
تشدد هذه الخريطة على وجود نوعين من المنظومات الأمنية، احدهما رسمي و
الآخر خاص. وتصمّ المنظومة العامة كل أولئك الفاعلين المرتبطين بالوكالات
الوطنية التابعة للدولة، وبالتالي، تشمل قوى الأمن على اختلافها والجيش
اللبناني الذي ينشط بخاصّة ـ وليس حصراًـ في عمليات مكافحة وضبط الشغب. أما
المنظومات الخاصة، فتضم مجموعة من الشركات الأمنية الخاصة التي يستخدمها
السياسيون والشركات الخاصة (مراكز تجارية، محال فردية، مصارف، إلخ)
والمرافق السكنية الفخمة، بما فيها الحراس الشخصيين المسلحين الذين يوظفهم
السياسيون بطريقة مباشرة كي يضمنوا أمنهم الخاص.
الخريطة ج ـ منع الشغب ومكافحة الجريمة
تقدم الخريطة "ج" ايضاحاً مماثلا للترميز بهدف تسليط الضوء على مركز
وجود نوعين مختلفين من التهديدات الأمنية: الجريمة الفردية ( سواء أتت على
شكل اعتداء على شخصية سياسية، او جرائم أقل خطورة، سرقة/ إلخ) مقابل حالات
التوتر الطائفية (ضبط الشغب)
ومن المثير للإهتمام، قراءة الخريطة على خلفية الخط الأخضر التاريخي في
المدينة، أي خط التماس الذي قسّم بيروت خلال الحرب الأهلية اللبنانية
(١٩٧٥-١٩٩٠) الى مناطق مسلمة و أخرى مسيحية. في الواقع تظهر الخريطة كيف
تستمر خطوط التماس القديمة في تمثيل "نقاط ساخنة" في بعض قطاعات المدينة،
فيما ظهرت انقسامات إضافية، لا سيما تلك التي تفصل بين مناطق عدة تقطنها
الطبقة العاملة الشيعية (مسلمة) من جهة والسنية (مسلمة) من جهة أخرى. وتجدر
الاشارة الى ان عملية المسح المحدودة التي قمنا بها لا تسمح لنا بإحتساب
تأثير عنصر الزمن في مثل هذه الخريطة التي تتغير الى حد كبير في اوقات
"الأزمات"
الخريطة د ـ الرابيةتعتبر منطقة الرابية ضاحية راقية خاصة بطبقة ميسوري الحال، هي تقع في
شمال شرق بيروت الكبرى. وقد نمت المنطقة تاريخياً على غرار المساكن
النموذجية البينية في الضواحي الأميركية، وصممت لتكون ملاذا امناً للعائلات
اللبنانية ذات الدخل المتوسط و المرتفع، وخلال الحرب الاهلية اللبنانية،
اصبحت المنطقة ملجأ لشخصيات لبنانية مرموقة ومركزاً لكثير من السفارات،
وبناءاً على هذا، دائماً ما اعتمدت الرابية على الآليات الأمنية الخاصة
المرتبطة بشكل خاص بالحماية من السرقة.
ومنذ العام ٢٠٠٥ قسمت الرابية الى مناطق عدة تتفاوت فيها منظومات الأمن
بحسب اهمية الشخصيات السياسية التي اتخذت مساكن لها في أرجاء مختلفة منها،
فتكاثرت فيها المنظومات الأمنية العسكرية و البلدية. وتشمل هذه المنظومات
دوريات بلدية مكثفة، وبطاقات تعريف للسيارات، وتراخيص تمنح للسكان والزوار
لكن السيارات، ومناطق مغلقة، إلخ. وقد أثرت هذه الآليات الامنية تأثيراً
عميقاً في الممارسات المحلية: باتت خيام الجيش تحتل الملعب المخصص للمنطقة،
كما تم تغيير وتعديل ممرات المشاة وشبكات الطرق، وإغلاق بعضها أحياناً.
ومن المفارقات الساخرة، أن حضور الأمن الخاص تضائل مع فرض هذه الإجراءات،
إذ قرر كتير من سكان المنطقة عدم تجديد العقود التي كانوا يبرمونها مع
الشركات الامنية الخاصة. ولعل في خلاء الحجيرات التي كانت تؤؤي في ما مضى
الحراس الشخصيين المدربين في شركات خاصة، اشارة واضحة الى هذا التغيير.
تستند هذه الخريطة الى بحوث الطلاب والى كتيب بلدية الرابية.
خريطة ه ـ قريطم