بالقرب من تلك البوابة التي تفصل بين حدود البلدين، بات المشهد مختلفا عن
الحركة الطبيعية التي يشهدها المنفذ. فالقادمون لا يحملون أمتعة ثقيلة
كالعادة، بل أن هناك من لا يملك أموالا تمكنه من استئجار سيارة أو شراء
طعام، فالغالبية فروا بملابسهم التي يرتدونها فقط، حيث وصل ما يقرب من 13
ألفا من المصريين والليبيين إلى معبر السلوم.
محمود ناصر، مهندس بترول
يعمل في ليبيا منذ 15 عاما، يقول: ''لن يستطيع أحد أن يصف المجازر التي
ترتكب في الداخل''، مشيرا إلى البوابة التابعة للجهة الليبية، قائلا: ''فما
يحدث إبادة جماعية للشعب الليبي''. ويواصل قائلا: ''فهناك أشخاص يطلقون
الرصاص الحي على كل من يواجههم، سواء أكانوا أطفالا أو نساء أو شيوخا، فهم
لا يفرقون.. كما أنهم يقتحمون البيوت ويقومون بمذابح جماعية لأسر
بأكملها''. ويضيف: ''منذ أربعة أيام وأنا أحاول الخروج من إحدى المناطق
القريبة من بن غازي أنا وأسرتي، تاركا كل شيء حتى أنجو وأهلي من تلك
المذابح الوحشية، حتى تمكنت من الهروب والوصول إلى المعبر، في رحلة لم تخل
من المخاطر والموت المحقق لولا عناية الله''.
ويلتقط هاني نصير الحديث
منه قائلا: ''المصريون والتونسيون مستهدفون من قبل كتائب تابعة للرئيس
الليبي بشكل منظم ومخطط، فهم يتحركون في المناطق التي يتمركز فيها المصريون
ويطلقون النار بشكل متوحش داخل البيوت التي تؤوي مصريين. وهناك العشرات من
المصريين الذين تم قتلهم ولم نتمكن من دفنهم أو حتى التعرف على من قتل،
بعد طمس ملامح الكثير منهم نتيجة الضرب في الوجه والصدر...''. وقال نصير:
''حاولنا الاستغاثة بالجيش المصري وكذلك الخارجية المصرية لإنقاذنا، إلا
أننا لم نتمكن من الوصول إلى المطار خشية الموت بقذائف الطائرات التي لم
تتوقف ليل نهار''.
وكشف نصير عن اعتقال عدد كبير من المصريين بدعوى أنهم محرضون على الثورة، ''ونخشى أن يكون تم إعدامهم
''.