جنرال روسي يؤكد أن منظومة الدفاع الجوي السوري «قوة لا يستهان بها» وهي التي منعت التدخل الخارجي
...موسكو: الغرب «يتضرع» لاستمرار الفيتو المزدوج ولافروف يشدد نبرته ويحذر
خرجت الدبلوماسية الروسية أمس لتعيد تأكيد مواقفها من الأزمة السورية بشكل
واضح، فهي لا ترفض مناقشة مصير الرئيس بشار الأسد فقط، بل إنها ترفض
الدخول في نقل عروض عليه «للرحيل»، وهي مهتمة لمصير الشعب السوري ككل
وإنقاذ أرواح السوريين، ولا تبغي تحقيق مصالح «جيوسياسية» على غرار
الفاعلين الآخرين الذين يهمهم تحقيق تغييرات «داخلية» في سورية لتعزيز
مواقعهم «على حساب أرواح السوريين البسطاء».
وفيما بدا أنه رسالة
إلى المعارضة الخارجية ومن يقف وراءها، أشارت موسكو إلى أن «الدول الغربية
غير مصممة أو مصرة على التدخل العسكري في سورية»، كاشفةً عن اعتقادها أن
تلك الدول «تتضرع» من أجل استمرار روسيا والصين في «عرقلة» هكذا قرار في
مجلس الأمن الدولي، لكنها أكدت أن امتلاك الجيش العربي السوري منظومة دفاع
جوي لا «يستهان بها»، منع الآخرين من استخدام قوة قتالية جوية ضده «بشكل
جدي».
وطالبت روسيا الأطراف الخارجيين المعنية بالأزمة في سورية، ترك
قضية تنحي الرئيس الأسد جانباً، وإجبار الجميع بالإعلان عن المصالحة، وجلب
مراقبي الأمم المتحدة بأعداد كبيرة وإجلاس الأطراف خلف طاولة المفاوضات دون
شروط مسبقة.
وكشفت عن أن المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي سيزور موسكو قبيل نهاية الشهر الجاري.
وعلى متن طائرة العودة من بروكسل إلى موسكو، حيث شارك في أعمال القمة
الأوروبية الروسية نهاية الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي
لافروف أمس للصحفيين المرافقين له: «هناك إحساس بأنه ليس لدى أحد شهية فيما
يتصل بالتدخل الخارجي في سورية، أما لو كشفنا عن أحاسيس ما خلف الكواليس،
فيتولد انطباع أحياناً أنهم يصلون من أجل استمرار روسيا والصين في عرقلة
قرار التدخل الخارجي».
وأعرب لافروف عن اعتقاده أنه: «بمجرد السماح
(بالتدخل)، سيكون عليهم التصرف مباشرةً وهنا لا يوجد أحد مستعد للتصرف، على
الأقل الآن، حسبما تشير انطباعاتي وإحساسي».
وأفشلت روسيا والصين عبر
استخدام حقها بالنقض (الفيتو) ثلاثة مشاريع قرارات تقدمت بها دول غربية
وعربية بشأن سورية في مجلس الأمن كان آخرها في تموز الماضي.
وأكد أن
موقف بلاده «غير مرتبط بالرغبة في استفزاز أو دفع أحد لاتخاذ قرار بإطلاق
النار أو عدم إطلاق النار، بالقصف أو عدم القصف»، وأضاف: «نحن فقط متأكدون
من أنه من غير المسموح لمجلس الأمن، خاصة بعد التصرف المعيب لشركائنا مع
القرار الخاص بليبيا، باتخاذ مثل هذه القرارات التي تحمل معنيين».
وفي
رد على سؤال لأحد الصحفيين، قال لافروف: «استمع.. لن ينتصر أحد في هذه
الحرب. و(الرئيس) الأسد لن يذهب إلى أي مكان أياً كان القائل سواء الصين أو
روسيا»، مؤكداً أن روسيا لا تخطط لمنح الرئيس الأسد اللجوء السياسي. وفي
المقابل، كشف أن عدداً من بلدان المنطقة توجهوا إلى روسيا «لكي تقول
لـ(الرئيس) بشار الأسد إنها على استعداد لاستضافته.. وكنا نجيب: ونحن ما
علاقتنا؟ توجهوا إليه بشكل مباشر إن كانت لديكم هذه الخطط»، مذكراً في هذا
السياق بتأكيد الرئيس الأسد أنه لن يغادر سورية. وأضاف: «إن كان من يرغب
بتقديم أي ضمانات فليتفضلوا.. روسيا ستكون سعيدة بذلك وخاصة إن كان الأمر
سيوقف القتال».
وأشار إلى أن سقوط النظام في سورية لن ينهي الأزمة
فيها، وقال: إن «هناك توقعات مؤكدة لدى الاستخبارات الغربية بأن سقوط
النظام السوري لن يؤدي إلى وقف هذه المأساة، وإنما سينشب قتال بقوة جديدة»،
وأعرب عن الأسى والحزن «لأن المواقف المعلنة للكثير من اللاعبين الخارجيين
حول سورية لا تعكس اهتمامهم الصادق في وقف حمام الدم، بل ينصب اهتمامهم
على تحصيل وتحقيق نقاط داخلية ما»، وأضاف: «توجيه الإرشاد، ومحاولة وضع
النفس في موقع الوصي على حقوق الإنسان في الوضع الذي يتطلب فقط قول «كفى»
لكل من يحاول القتل والفوز.. هذا هو المؤلم والمزعج».
ومضى الوزير
الروسي، قائلاً: «إذا كان الجميع يقولون الحقيقة، عندما يؤكدون أن الأولوية
رقم واحد هي وقف المذابح وإنقاذ الأرواح، فإنه من المفروض إذن ترك مشكلة
(الرئيس) الأسد وتنحيته جانباً وإجبار الجميع بالإعلان عن المصالحة، وجلب
مراقبي الأمم المتحدة إلى هناك بأعداد كبيرة وإجلاس الأطراف خلف طاولة
المفاوضات دون شروط مسبقة من قبيل «اختفاء الرئيس السوري». كما يقولون ذلك
هناك: «نعم، يمكن فعل ذلك، لكن عليه أولاً الرحيل». بالنسبة لهؤلاء الذين
يقولون ذلك، بالنسبة لهم فرأس الرئيس السوري أهم من إنقاذ أرواح المواطنين
والمدنيين العزل».
وشدد نبرته محذراًً: «إذا كان الأمر كذلك، وإذا كان
لديهم هدف جيوسياسي، ينبغي إذن أن يفهموا أن عليهم دفع مقابل ذلك، ولكن ليس
أرواحهم وليس من أرواح مواطنيهم، بل من أرواح السوريين البسطاء، لأن
(الرئيس) الأسد لا يعتزم ولا ينوي الرحيل، مهما قيل».
ونبه لافروف من
وجود مساع لتدمير سورية على غرار يوغوسلافيا والعراق ولبيبا، قائلاً: إن
«سورية هي بلد عاش به مختلف الأديان والإثنيات وتحطيم هذا لأجل إسقاط شخص
واحد.. هذا الأمر مر علينا»، وأضاف: «لقد أغاروا على يوغسلافيا عندما كان
يجب الإطاحة بـ(سلوبودان) ميلوشيفتش، وألقوا القنابل على العراق، مع العلم
بعدم وجود أسلحة نووية هناك، كما أنهم دمروا ليبيا لأن المطلوب رأس (معمر)
القذافي».
من جهة أخرى، أشار لافروف إلى أن الإبراهيمي اتصل به يوم
الجمعة و«أعرب عن رغبته في زيارة موسكو قريباً»، مبيناً أن روسيا ستقوم
بدعوته في «القريب العاجل» وستستقبله «في فترة الأعياد تقريباً، أو قبيل
حلول رأس السنة».
ورداً على الحملة الغربية بشأن الأسلحة الكيماوية في
سورية، قال الوزير الروسي: إن الحكومة السورية تبذل ما بوسعها لتأمين
الأسلحة الكيماوية الموجودة في البلاد، لكنه سخر من الولايات المتحدة،
بالقول: «يعترف الشركاء الأميركيون بأن التهديد الرئيسي هو في حال وقعت هذه
الأسلحة (الكيماوية) بأيدي المسلحين الذين من بينهم منظمات تعتبر
إرهابية.. نحن نقول أنتم تؤيدون المعارضة وقتالها المسلح الذي من الممكن أن
يحدث خلاله ما تخشونه.. إذا يجب تحديد أولوياتكم»، وأضاف «لم نحصل على رد
واضح».
وتؤكد سورية أنها لن تستخدم الأسلحة الكيماوية -إن وجدت- ضد
شعبها تحت أي ظرف من الظروف، لكنها تعرب عن قلقها من احتمال استخدام
المجموعات المسلحة لها بعد تزويد داعميها الخارجيين بها، لاتهام السلطات
السورية باستخدامها وفتح الباب أمام التدخل الخارجي.
وفي مقتطفات بثتها
قناة «روسيا اليوم» لمقابلة أجرتها مع لافروف وتعرض غداً الاثنين، اتهم
الوزير الروسي جماعات المعارضة المسلحة في سورية بخرق القانون الدولي من
خلال احتجاز الرهائن وممارسة الإرهاب، مشيراً بذلك إلى اختطاف مواطنين
روسيين وآخر إيطالي وصحفية أوكرانية خلال الفترة الماضية.
وهاجم الموقف
الغربي الرافض لإدانة الإرهاب في سورية، قائلاً: «من المخيب أن يرفض
زملاؤنا الغربيون في مجلس الأمن الدولي إدانة الهجمات الإرهابية في سورية»،
وأضاف: «هم يقولون: نعم، إن الإرهاب سيئ لكننا نراعي الدوافع والسياق
العام.. هذا مرفوض على الإطلاق. إذا اتبعنا هذا المنهج وبدأنا بالحديث عن
إرهابيين سيئين وإرهابيين مقبولين فإن ذلك سيؤدي بنا إلى وضع خطير جداً».
في سياق متصل، أكد قائد الدفاع الجوي بالقوات البرية الروسية الميجور
جنرال الكسندر ليونوف بأن القوات المسلحة السورية لديها نظم دفاع جوي فعالة
يمكن أن تتصدى لهجمات جوية مكثفة ضد البلاد.
وقال في مقابلة مع إذاعة
«صدى موسكو» الروسية: «منظومة الدفاع الجوي السورية ليست قوة يستهان بها.
وكنتيجة لذلك لم يستخدم أحد قوة قتالية جوية بشكل جدي ضدها».