موضوع: الحاكم العسكري لطرابلس كفّر النظام الجزائري الجمعة سبتمبر 02, 2011 2:23 pm
بيان نادر تحصّلت عليه "الشروق":
الحاكم العسكري لطرابلس كفّر النظام الجزائري ودعّم الإرهاب
2011.09.01
أنور مالك
عبد الحكيم بلحاج ساند الجناح المسلح للفيس في حربه ضد الجيا
بيان يحمل رقم 10، صدر بتاريخ 01 / 10 / 1997، عن "الجماعة الإسلامية المقاتلة" الليبية، عنوانه "شراذم الجماعة المسلّحة... معاول لهدم هذا الدّين"، وقّعه المدعو "عبدالله الصّادق" بصفته أمير الجماعة، وهو الاسم الحركي لعبدالحكيم بلحاج رئيس المجلس العسكري الليبي في طرابلس الآن، أحد أبرز القادة الميدانيين للمعارضة المسلّحة الليبية وهو الذي نال "شرف" فتح باب العزيزية بعد سقوط نظام العقيد معمر القذّافي...
ونصّب نفسه حاكما بدلا من الزعيم الهارب، الذي اعتذر له على الهواء مباشرة، بعدما أفرج عنه في مارس 2010 من قبل سيف الإسلام القذافي في إطار ما سميت بمراجعات الجماعة، التي كانت تدخل ضمن أجندة أرادها نجل القذافي لإقناع الغرب من أنه البديل المهم والخيار الوحيد في إطار مشروع توريث الحكم القائم حينها.
البيان المشار إليه جاء في عمق صراع بين فصائل الجماعات الإرهابية حينذاك، حيث تمّ الردّ فيه على بيان للجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" والذي أصدرته في 23 / 09 / 1997 ووقّعه الدموي عنتر زوابري، حيث تمّ فيه تكفير عموم الشعب الجزائري، وتبنّت فيه الجماعة كلّ المذابح والمجازر التي استهدفت المدنيين والعزّل كالنساء والأطفال والشيوخ في القرى والمداشر والأرياف والأحياء الفقيرة، ومن بينها مجزرة بن طلحة التي وقعت ليلة 22 / 09 / 1997 قبل يوم واحد من بيان "الجيا" و8 أيام بالنسبة لبيان الجماعة الليبية.
عبدالحكيم بلحاج الذي يعدّ من أبرز الأفغان العرب وكان مقرّبا من أمير المجاهدين الشيخ عبدالله عزّام، ثم لاحقا زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، راح في بيانه المذكور يشيد كعادته بالإرهاب في الجزائر ويرفع من شأن أبرز الأمراء الذين ساهموا في قتل الجزائريين، بينهم أمير "الجيا" الشريف قوسمي، ومحمد السعيد القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة وأحد أوائل الملتحقين بالجبال والمحرّضين على ما يسمى "الجهاد"، ورفيقه عبدالرزاق رجام، وقد أعدمهما جمال زيتوني في حمّى الصراع بين الفصائل. وأيضا أشاد بالسعيد مخلوفي مؤسس "حركة الدولة الإسلامية" ومؤلّف كتاب "العصيان المدني" الذي كان مرجعا أساسيا لأحداث جوان 1991، وبعدها تحوّل لمصدر للتجنيد والحثّ على التمرّد المسلّح في الأحياء الشعبية والمساجد والسجون والمعتقلات.
لقد انتصر عبدالحكيم بلحاج للجناح المسلّح للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة أو حتى جناح "الجزأرة" الذي كان يعتبر محمد السعيد أحد رموزه، معتبرا أن "الجيا" مارقة وضالة بعد خلافه حول شؤون الإمارة مع قيادتها، ليكيل الإتهامات للأجهزة الأمنية الجزائرية وهو ما ظلت تطرحه بعض الأطراف الاستخباراتية الأجنبية في إطار أطروحة "من يقتل من؟" التي يراد منها تبييض جرائم الجماعات الدموية في حقّ الشعب الجزائري غير أنها محاولات باءت بالفشل الذريع.
ليعلّق عن التهديدات التي ظلّت توجهها "الجيا" لفرنسا والغرب عموما بصيغة واضحة تبين عقيدة بلحاج وجماعته في هؤلاء الذين يتحالف معهم الآن من أجل تحقيق أهداف منظمته الإرهابية التي رافعت لها منذ سنوات، قائلا: "طفح البيان كالعادة بالمزايدة الإعلامية بتهديد فرنسا والأمم المتحدة وأمريكا واليهود، وكلّ من له أدنى معرفة بحال هؤلاء يعلم أن تهديداتهم هذه كمن ينعق في صحراء جرداء"، ليضيف: "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان".
الأهمّ في هذا البيان هي الفتوى التي أصدرها عبدالحكيم بلحاج بصفته أمير "الجماعة الإسلامية المقاتلة" من "أنّ نظام الجزائر الحاكم نظام مرتدّ وكافر بالله العظيم ودينه القويم فلا شرعية ولا طاعة ولا موالاة، ويجب على كل مسلم قتاله والتصدّي له واستئصال شأفته" كما ورد بالحرف الواحد في بيانه.
"الجيا" كانت في صراع مع "الجماعة الليبية المقاتلة" لأنها انتصرت لحلفائها من باقي التنظيمات الإرهابية الأخرى، حيث اعتبرهم رئيس المجلس العسكري الليبي الحالي بأنهم "أهل الخير والجهاد" و"أنهم هنا وهناك ولكنهم متفرقون ومتناثرون" في إشارة منه إلى ضرورة الوحدة بينهم في إطار جديد أو حتى قديم لا يكون تحت عباءة عنتر زوابري الذي كفّره.
ليضيف كاشفا عن غموض مخطّطات جماعته في شأن ما كان يجري في الجزائر: "إن سألتم عن موقف الجماعة الإسلامية المقاتلة ممّا سبق ذكره فإنني أقول بأننا ولله الحمد والمنّة لا نأمر الناس بفعل ولا نأتيه، ولنا أساليبنا وطرقنا الخاصّة في تطبيق ما قلناه ومنها ماهو سرّي لا يمكن الحديث عنه بحال من الأحوال، ومنها ماهو علني يعرفه القاصي والداني"، ومن بين المعلن طبعا هو إرسال مقاتلين للجزائر وتدعيم الجماعات الإرهابية بالعتاد والسلاح والترويج لها بالخارج في إطار شبكات تنتشر هنا وهناك. ممّن نراهم اليوم أنصارا للمجلس الانتقالي في بريطانيا وغيرها، لعب بعضهم أدوارا رئيسية في جمع التبرعات وتهريب الأسلحة وتوزيع المنشورات لصالح "الجيا" التي كانت تبيد الجزائريين. أما الخفي فقد لاحت بعض ملامحه الآن في خضمّ هذه الحرب الأهلية التي تعصف بالبلاد.
ثم يختتم بلحاج بيانه قائلا: "وأخيرا ندعو أهل الخير والجهاد بالجزائر إلى الاتحاد ورصّ الصفوف ونبذ الخلاف من أجل تحقيق أهداف الإسلام من الجهاد والقتال وندعو كلّ المجاهدين الذين لا زالوا يرفعون السلاح في وجه النظام الجزائري التقيد بمنهج أهل السنّة والجماعة والإقتداء بالسلف الصالح من أجل سلامة المنهج والذي يوجب شرعيّة الوسائل كما يوجب شرعيّة الأهداف".
لتأتي الإستجابة بعد حوالي عشرة أشهر ويتمّ الإعلان عن تأسيس "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" من طرف حسان حطاب وأعوانه على رأسهم الأمير الحالي عبدالمالك درودكال المكنّى "أبو مصعب عبدالودود"، ممن تمرّدوا على عنتر زوابري حينها، كان ذلك في أوت 1998، وفي 2006 غيّرت هذه الجماعة تسميتها إلى "تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" وبإعلان من أيمن الظواهري زعيم القاعدة حاليا، ليتواصل منهج إبادة الجزائريين عبر فتاوى التترّس والتكفير والردّة التي تجلّت في السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والعمليات الإنتحارية الدموية.
طبيعة صراع "الجيا" مع تنظيم عبدالحكيم بلحاج ظهر في عهد جمال زيتوني، حيث كشف ذلك الدموي عنتر زوابري في حوار بنشرية التنظيم تسمى "الجماعة" الصادرة في سبتمبر 1996 وتحوز "الشروق" على نسخة منها.
حيث في ردّه على سؤال يتعلق بتوقيف تأييد الجماعة الليبية وجماعة الجهاد المصرية لـ "الجيا" ما يكشف جذور الخلاف الحقيقي بين الطرفين، قال زوابري: "وأما الجماعة المقاتلة الليبية: فإنهم أرسلوا وفدا إلينا والتقوا بأمير الجماعة الإسلامية المسلّحة "أخينا" عبدالرحمن أمين "يقصد جمال زيتوني" وجلسوا إلى الهيئة الشرعية وتناقشوا في أمور كثيرة"، وبعد الحديث عن معتقدات جماعة بلحاج التي يراها زوابري بأنها جهادية إخوانية وليست على سلفيته وتعصّبه الذي فاق كل حدود التخيّل، يقول: "ثم ظهر بعد مباشرتنا لهم أنهم شديدو التعصّب لسيد قطب رحمه الله"، ويزيد من أنهم إلتحقوا بـ "الجزأرة" الذين وصفهم بالمبتدعة في منطقة الأربعاء، التي كانت بدورها في تلك الفترة مسرحا لأحداث دموية من مجازر وتفجيرات استهدفت السكان من المدنيين والعزّل واغتيالات وكمائن طالت الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن.