موضوع: تهريب السلاح من المارينا: مُخبر الجيش موقوفاً الأربعاء أغسطس 17, 2011 6:24 pm
تهريب السلاح من المارينا: مُخبر الجيش موقوفاً
أُخلي سبيل الموقوفين الثلاثة بتهمة تهريب السلاح إلى سوريا. المدّعي العام التمييزي أسقط التهمة عن الموقوفين، لكن المعلومات الأمنية تُؤكد أن ضغوطاً سياسية مورست لإطلاقهم. ليس هذا فحسب، بل أدّت الضغوط إلى توقيف «مصدر» الجيش الذي أدى دوراً رئيسياً في الإيقاع بـ«العصابة» رضوان مرتضى
أفرج قاضي التحقيق العسكري فادي صوان عن الموقوفين الثلاثة المشتبه فيهم بمحاولة تهريب السلاح إلى سوريا عبر مرفأ «مارينا بيروت»، المحاذي لفندق سان جورج، بعد مضي نحو أسبوعين على توقيفهم. أما السبب، فردّه المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا إلى أن «التحقيقات لدى استخبارات الجيش والمدعي العام العسكري لم تُثبت صحة ما أشيع عن محاولتهما تهريب السلاح الى سوريا». إخلاء السبيل هذا يمكن أن يقال فيه إنه سابقة قضائية، لم تأخذ في الاعتبار ضبط عناصر استخبارات الجيش للموقوفين بالجرم المشهود، حيث كانت في حوزتهم كمية من السلاح الحربي. كذلك فإن الاعتبارات التي استند إليها ميرزا في تبريره لم تلحظ أن توقيف المتهمين جاء ضمن عملية نفّذتها استخبارات الجيش، استندت إلى معطيات جُمعت واتصالات سُجّلت لتوثيق الأدلة. فعملية التوقيف لم تحصل قبل تكشّف نيّات المشتبه فيهم لجهة الحسم بأنهم اشتروا السلاح بقصد تهريبه إلى سوريا. وفوق كل ذلك، فإن عناصر الاستخبارات لم يقدموا على أي خطوة قبل أن تثبت لديهم صحة المعلومات التي في حوزتهم. وبالعودة إلى تفاصيل العملية، فإن المتهمين الثلاثة، وهم سامر ث. ووسيم ث. وأحمد أ. الذين يتولى أحدهم مسؤولية إدارة الخروج والدخول في المرفأ السياحي الذي تشغله شركة سوليدير في منطقة سان جورج، سألوا عصام م. إن كان يعرف تاجر أسلحة بحكم إقامته في الضاحية الجنوبية. فصدف أن عصام يعمل مخبراً لدى استخبارات الجيش. أبلغ الأخير قيادة الفرع طلب المشتبه فيهم، فأشارت قيادته عليه بالخوض معهم في التفاصيل. أرشد عصام م. المشتبه فيهم إلى تاجر سلاح. بدأت المباحثات بينهم ليتبيّن أنهم بصدد شراء كمية كبيرة من البنادق الرشاشة من نوع كلاشنيكوف. أخبرهم التاجر المفترض بأن لديه بنادق رشاشة من نوع أم 16، فردّوا بأن ضالتهم الكلاشنيكوف. أما بشأن كيفية النقل، فأخبروه بأنهم سينقلون السلاح بسيارة تحمل لوحة قضائية ومزوّدة بزجاج عازل للرؤية أو عبر البحر إن كانت الكمية كبيرة. كل ذلك كان يجري تحت مرأى عناصر الاستخبارات الذين سجّلوا جميع الاتصالات الجارية. استمرّت العملية، فطلب المشتبه فيهم من التاجر إحضار عيّنة من البنادق لفحصها قبل شرائها. حدّدوا نهار الخميس في 28 تموز الماضي موعداً لذلك، لكنه أخبرهم بأنه يفضّل يوم الجمعة. وبالفعل، حضروا في الزمان والمكان المحددين. جرت عملية التسليم والتسلّم بحضور اثنين من المشتبه فيهم (وسيم ث. وأحمد أ.). كانت عناصر الاستخبارات تراقب، لكنها لم تتحرك إلا بعدما أصبح السلاح في حوزة المشتبه فيهم. عندها أطبقت عليهم على بعد أمتار قليلة من المارينا. ضُبط الموقوفان بالجرم المشهود حيث كانت الأسلحة في حوزتهما، فيما عثر في حوزة وسيم على كمية من الكوكايين تفوق تلك المفترضة لغرض الاستهلاك الذاتي. أوقف المشتبه فيهما بتاريخ 29 تموز، ليطلق سراحهما يوم 13 آب، أي بعد مرور نحو أسبوعين. أسبوعان حفلا بما لا يُطاق من التدخلات السياسية ظهرت بممارسات أفضت إلى تساؤلات لم يُعثر لها على أجوبة. فقد أرسل الموقوفان إلى سجن طرابلس ليكونا هناك بمثابة أمانة، باعتبار أنه لا أمكنة فارغة في سجن رومية المركزي. أطلق القضاء سراح المتهمين، لكن المسألة لم تنته عند هذا الحد، إذ ذهب القضاء أبعد من ذلك بكثير. فقد أشار بتوقيف «مخبر» استخبارات الجيش الذي أسهم في كشف مخطط شراء الأسلحة، من دون الأخذ في الاعتبار خصوصية عمله لدى الاستخبارات. كذلك فإن من أشار بتوقيف «المصدر» لم يأبه بالشروحات التي تقدّم بها ضباط في الجيش حيال طبيعة عمل المطلوب توقيفه، بحجة أن الأخير يشتبه فيه بترويج المخدرات، بحسب ادّعاءات أحد المتهمين بشراء السلاح. فقد جُزّئ الملف بين جرمي السلاح والمخدرات، بعدما زعم وسيم أن عصام زوّده بالكوكايين الذي عُثر عليه في حوزته، «وقد أراد بهذه التهمة الانتقام من عصام بعد معرفته بأنه من وشى بهم» على حدّ قول مسؤول أمني. وبذلك يكون الادّعاء قد جرى من قبل النائب العام الاستئنافي القاضي كلود كرم باعتبار أن الجرم حصل ضمن نطاق جبل لبنان. أطلق سراح المتهمين نهار الأربعاء ليتولى مكتب مكافحة المخدرات المركزي في بيروت توقيف مخبر استخبارات الجيش صباح الأحد، لكن سبق ذلك خلاف شديد وسط القوى الأمنية لجهة الرفض بأن يسلّم الموقوف إلى مكتب مكافحة المخدرات في الشمال. فقد رأى هؤلاء أن ما يجري يؤكد التعاطي بكيدية مع المصدر استناداً إلى خلفيات سياسية. «فهل يُعقل أن يخلى سبيل متهمين بشراء سلاح بقصد تهريبه إلى سوريا بعد ضبطهم متلبّسين، فيما يُسجن من أسهم في توقيفهم؟». وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» من مصادر عائلة الموقوف أن عصام لديه تسجيلات هدّد بنشرها إذا جرى التعاطي معه بكيدية، مشيرين إلى أن «التسجيلات تؤكد أن المفرج عنهم كانوا ينوون تهريب السلاح إلى سوريا». مخالفة جديدة تضاف إلى سجل المخالفات التي حصلت في هذا الملف، إذ ذكر مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أن مكتب مكافحة المخدرات المركزي أبلغ النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان كلود كرم أن لا شيء ثبت على الموقوف، لكن كرم رفض إخلاء سبيله يوم الاثنين لأسباب غير معروفة. وبحسب المصادر، فإن «تسييس الملف حال دون إخلاء كرم سبيل الموقوف». في المقلب الآخر، نفى مسؤول أمني مطّلع على الملف ما يسوّق بشأن كيدية في توقيف مخبر استخبارات الجيش، مؤكداً أنه لا يزال موقوفاً لأن المديرية لم تتبع الأطر القانونية المعتمدة في التعامل مع المخبرين، لجهة اعتماد كتاب حماية المصدر الذي توقّعه النيابة العامة التمييزية. الكلام عن خطوات قانونية ردّه مسؤول أمني رأى أنه حتى لو وُجد الكتاب المذكور، فإن عرقلات من هذا النوع كانت ستحصل، مستشهداً بقضية مماثلة استُدعي فيها المصدر وأوقف رغم وجود تصريح خطي موقّع من الرئيس ميرزا. وعلمت «الأخبار» أن ما حال دون توقيع الكتاب من النائب العام التمييزي هو التوقيت القياسي الذي جرت فيه العملية.