تضاربت الأنباء، أمس، حول العدد الحقيقي لضحايا قمع الإحتجاجات الشعبية التي سادت مناطق واسعة من ليبيا وطالبت بإسقاط النظام الحاكم، في استمرار التكتم والتستر على ما يجري في كبرى المدن الليبية، خاصة في بنغازي.
ونقلت مواقع إلكترونية على الأنترنت للمعارضة الليبية إلى جانب وسائل إعلام عربية وغربية، أن ما يقل عن ٠٥ قتيلا، سقطوا أمس في عمليات إطلاق نار عشوائي على المتظاهرين، مضيفة نقلا عن شهود عيان أن السلطات الليبية استنجدت بقوات إفريقية من المرتزقة، موالية للساعدي القذافي نجل الزعيم الليبي، بعد تطور الإحتجاجات وانتشارها.
ففي مدينة البيضاء، قالت نفس المصادر إن عناصر الأمن الداخلي قاموا بمهاجمة المتظاهرين أثناء تأديتهم لصلاة العصر في إحدى الساحات، مع أن المتظاهرين نبهوا رجال الأمن بالقول ''سلمية.. سلمية'' قبل أن يتم إطلاق النار عليهم مما تسبب في جرح الكثيرين. وأضافت المصادر أن ٣ أشخاص على الأقل قتلوا في الحادثة منهم طفل، فيما أصيب آخرون بجروح. وفي نفس المدينة، قتل حتى عصر أمس، ما لا يقل عن ٠٣ شخصا في مواجهات متفرقة وقعت في مختلف الشوارع والساحات العمومية. وحسب نفس المصادر، فإن تعزيزات أمنية وصلت فجر أمس إلى مدينة البيضاء، على متن طائرتين، للسيطرة على الموقف في المدينة.
ونقلت صحيفة ''ليبيا اليوم'' المستقلة، عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن طائرة عمودية هبطت بمزرعة شمالي المدينة وأنزلت ذخيرة ثم قامت بالتحليق فوق رؤوس المتظاهرين حتى فرّقتهم لمسافات بعيدة.
وأضافت الصحيفة أن قناصة من المرتزقة الأفارقة تابعين لكتيبة تعرف باسم ''خميس القذافي'' تزودوا بالذخيرة التي شحنتها الطائرة العمودية، ودخلوا في مواجهات عنيفة ودامية مع أهالي مدينتي شحات والبيضاء. وحسب نفس المصدر، فإن ٥ عناصر من المرتزقة الأفارقة قتلوا في المواجهات، تم تعليق جثة أحدهم قبالة مستشفى، فيما تم إلقاء القبض على عنصرين، أدلوا فيما بعد باعترافات خطيرة.
ومن جملة ما نشرته الصحيفة الليبية المستقلة، فإن المرتزقة الأفارقة اعترفوا بأنهم تلقوا وعودا من نجل القذافي بمنحهم أكثر من ٠١ آلاف دولار نظير كل متظاهر يتم قتله وتحويله إلى جثة هامدة.
وفي تطور لاحق، قالت مصادر من ليبيا، أن النظام الحاكم استنجد بالأسلحة الثقيلة لمواجهة المحتجين، حيث تواترت الأنباء عن دخول كتيبتين مسلحتين مدينة البيضاء، مدججتان بأسلحة مضادة للطيران، لاستخدامها في قمع المتظاهرين.
وفي بنغازي، أولى المدن الليبية التي انطلقت منها الثورة الشعبية، ساد التوتر لليوم الثالث على التوالي، وسط أعمال عنف تخللتها عمليات إطلاق نار عشوائي، وقيام محتجين غاضبين بإحراق مقرات ومرافق عمومية، مثل مقرات اللجان الثورية ومقر الإذاعة . تمرد في صفوف الجيش وعناصر القذافي يستعملون قذائف ''ار بي جي''
قالت صحيفة ''ليبيا اليوم'' المستقلة، أمس، عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن ضباطا في الجيش الليبي، ينتمون إلى ''كتيبة الجارح''، إحدى كتائب الحرس الثوري، انضموا للمتظاهرين في مدينة البيضاء، معلنين بذلك تمردا على القيادة العسكرية والنظام الليبي الحاكم.وأوضحت الصحيفة أن تمرد الضباط جاء على خلفية قيام زملائهم في الكتيبة بإطلاق الرصاص الحي بشكل مكثف على المتظاهرين، كاشفة في نفس الوقت عن استخدام الجيش الليبي لقذائف ''ار بي جي'' ورشاشات مضادة للطيران تعرف باسم ''ميم طا''.وقال نفس المصدر إن بعض سكان مناطق ريفية مجاورة لمدينة البيضاء استولوا على أسلحة خفيفة من مقر تدريب تابع للجيش، وتنقلوا إلى وسط المدينة لمؤازرة المتظاهرين، أين تجري مواجهات مسلحة بين الجانبين، بالقرب من مقر ''كتيبة الجارح''.
دعوا أنصارهم إلى تبني الثورة ضد القذافي وتوجيهها
قدمـــــاء الجمـــــاعة المقاتلة يؤسسون حزبا سياسيا في ليبيا
''اخترنا النضال السلمي لإسقاط القذافي بعدما فشل العمل المسلح ولظروف سياسية دولية''
أعلنت مجموعة من قدماء الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، عن تأسيس حزب سياسي تحت اسم ''الحركة الإسلامية الليبية للتغيير''، كما أعلنت دعمها وتزكيتها للثورة الشعبية التي تشهدها مناطق واسعة من ليبيا، من أجل إسقاط نظام القذافي.
وأصدر قدماء الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة وثيقة تحت عنوان ''بيان تأسيسي.. ونداء للشعب الليبي''، حملت تاريخ ٥١ فيفري الماضي، أعلنوا فيه عن اختيارهم هذه المرة العمل النضالي والسياسي، بدلا من العمل المسلح، حيث قال البيان في شرح أسباب تأسيس الحركة الإسلامية الليبية للتغيير أنه ''أخذا في الحسبان نتائج تجربتنا السابقة ودروسها في إطار الجماعة الإسلامية المقاتلة وما آلت إليه الأوضاع في الآونة الأخيرة، وتقديرا لظروف المرحلة وإيمانا بأن أساليب النضال محكومة بالعوامل الذاتية والموضوعية والمتغيرات الجيوسياسية، فإننا نعلن عن تأسيس الحركة الإسلامية الليبية للتغيير لمواصلة العمل النضالي والسياسي ضد الظلم والإضطهاد الذي يتعرض له الشعب الليبي''.
ورفع قدماء الجماعة الليبية المقاتلة مطالب سياسية واجتماعية، على رأسها التغيير السياسي و''منح الحق للشعب الليبي في اختيار من يحكمه محاسبته والحق في إبداء الرأي في سياسة النظام وطريقة إدارة البلاد عبر حرية حقيقية وليس سلطة شعبية مزعومة''، إلى جانب إنهاء حالة الفساد وقمع الحريات وتغييب العدالة الاجتماعية.
كما خاطب قدماء الجماعة الليبية المقاتلة من وصفوهم بـ''العقلاء'' داخل النظام الليبي، داعيا إياهم إلى الانقلاب على القذافي وتحقيق الحد المطلوب من مطالب التغيير والإصلاح. وفي هذا الإطار قال البيان ''وإذا كان هناك عقلاء داخل النظام يفهمون طبيعة المتغيرات التي تمر بها المنطقة فلابد أنهم يعرفون أن هامش المناورة يبدو معدوما، وأن فترة القيام بخطوات جادة وحقيقية محدودة زمنيا وأنه لابد لهذه الخطوات أن تكون على قدر كاف من الكم والنوع بما يُرضي تطلعات وطموحات شعبنا، وتلك مهمة في غاية الأهمية وفرصة ربما تكون الأخيرة، يعتقد الكثيرون ونحن منهم أن النظام لا يبدو قادرا على تنفيذها أو استيعابها بحكم طبيعته الاستبدادية وعقليته الشمولية وعدم مبالاته بمطالب الناس وحقوقهم''.
وشدد قدماء الجماعة الليبية المقاتلة في بيانهم على أنهم لن يمارسوا العمل المسلح، مضيفين أنهم يعولون على ''قدرة الشعب الليبي على إحداث التغيير الذي يتطلع إليه وهو القادر وحده على ترجمته إلى فعل واقعي على الأرض عن طريق حرية التعبير الإعتصام والإحتجاج السلمي.
وفي مشهد يشبه ما جرى في الجزائر خلال انتفاضة أكتوبر ٨٨، عندما اغتنم نشطاء الحركة الإسلامية غضب الشارع لاستغلالها في صالحهم، دعا أصحاب البيان أنصارهم من التيار الإسلامي إلى المشاركة في الثورة الشعبية بليبيا وتأطيرها كونهم كانوا أكثر ضحايا نظام القذافي، سواء عبر قمعهم في السجون أو التضييق عليهم في ممارسة العبادات. ''النهــــــــار'' تنشر مضمون وثيقة سريّة للأمن الليبي
الشرطـــة تتمرد على نظام القذافي وشيوخ القبائل يساندون المحتجين
تكشف وثيقة سرية للأجهزة الأمنية الليبية عن وقوع العديد من عمليات التمرد في صفوف عناصر الشرطة الليبية عقب رفضهم تطبيق الأوامر بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين المنادين بالتغيير وإسقاط نظام القذافي.
وتتضمن المراسلة التي حملت طابع السرية، وموجهة لرئيس وحدة العمليات في مدينة بنغازي شرقي ليبيا عرضا شاملا للوضع في المدينة، كما تعترف بوقوع ما سمته اضطرابات داخل الأجهزة الأمنية، إلى جانب تخوفات من عدم التحكم في سياق الدعاية الخاصة بالأحداث في ليبيا.
وفي هذا السياق، كشفت المراسلة عن انضمام مسؤولين وأعوان أمن لصفوف المتظاهرين ومناداتهم بالتغيير والتظاهر، وهو نفس ما حدث بالنسبة لعدد من مشايخ القبائل الذين أبدوا تعاطفهم مع المحتجين والمتظاهرين.
وجاء في الوثيقة أن كتيبة أمنية تابعة لجهاز الشرطة رفضت تموين قوات مكافحة الشغب بالذخيرة ومواد دعم لوجيستي، فيما تقوم فرقة أمنية أخرى تسمى بـ''مركز البيروني''، بتقديم تقارير مغلوطة ومضللة بشأن الاحتجاجات في مدينة بنغازي.
كما تحدثت المراسلة، عن انتشار شائعات حول وجود خلافات كبيرة بين العقيد امعمر القذافي ونجله سيف الإسلام، وتأثيرها على سير الأحداث والاحتجاجات في كبرى المدن الليبية، لتقترح المراسلة ظهور القذافي وابنه على شاشة التلفزيون لتكذيب تلك الإشاعات.
ودعت الجهة الأمنية صاحبة المراسلة إلى تقديم المزيد من الدعم من أفراد قوات الأمن وطائرات الاستطلاع، مضيفة أن معنويات أفراد الشرطة أصبحت متدنية، بعد انتشار الإشاعات، خاصة تلك التي تتحدث عن تدهور الوضع الصحي للعقيد القذافي.