وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي في لقاء مع "الشروق" المجلس الانتقالي لوّث الحقيقة في ليبيا
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Admin
المساهمات : 632 تاريخ التسجيل : 18/02/2011
موضوع: وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي في لقاء مع "الشروق" المجلس الانتقالي لوّث الحقيقة في ليبيا الإثنين أبريل 25, 2011 4:59 pm
مكالمة آلان جوبي كانت حوارا وليست مساءلة
فتحنا قناة للاتصالات والزيارات مع المغرب منذ 3 أشهر وغلق الحدود إلى الأبد غير معقول
يكشف في هذا الحوار المباشر، مع "الشروق"، وزير الشؤون الخارجية، العديد من المواقف، ويضع النقاط على عدد من الحروف المتعلقة بملفات مهمة، أهمها الوضع في ليبيا واتهامات "المجلس الانتقالي" للجزائر بشأن المرتزقة، و"الشكوى" التي أودعها بالجامعة العربية، وزيارة وفد الاتحاد الإفريقي الى الجزائر، والحديث عن "وساطة" جزائرية، وانعكاسات الإقتتال على الحدود الجزائرية، ومصير الأمن والاستقرار بالمنطقة في ظل استمرار الأزمة..
كما يتطرق السيد مراد مدلسي، إلى قضايا أخرى تتعلق بمستقبل العلاقات بين الجزائر وليبيا، في ظل احتمال عودة دعاة إقامة القواعد العسكرية ببوابة الساحل، واستغلال الارهابيين للوضع الموسوم بالانتشار الخطير والمثير للاسلحة.
لقاء "الشروق" مع السيد مدلسي بمقرّ وزارة الخارجية، تناول ايضا بالتفصيل، مسألة فتح الحدود البرية المغلقة بين الجزائر والمغرب، والمكالمة الهاتفية التي جرت بينه وبين نظيره الفرنسي، والمطلوب لتحسين العلاقات بين الجزائر وفرنسا، والعلاقات الجزائرية المصرية بعد نجاح الثورة، ورحيل حسني مبارك، وكذا خلفيات عدم تقديم الجزائر لمرشحها إلى منصب الأمين العام للجامعة العربية، وتداعيات الثورات الشعبية، إلى جانب ردود الفعل الأجنبية بعد الاصلاحات المعلنة من طرف الرئيس بوتفليقة في خطابه إلى الجزائريين.
الشروق: المجلس الانتقالي الليبي يزعم ويصر على امتلاكه أدلة توثيقية وأشرطة ودلائل تتهم الجزائر في قضية المرتزقة، ورغم تفنيد الجزائر المتكرر، فإن المجلس يواصل حملته.. ما حقيقة هذه الاتهامات؟
مدلسي: الجزائر نددت بالعنف في ليبيا منذ بدايته، وسجلت على نفسها موقف عدم التدخل في أمر الغير مهما حصل، وكذلك عدم التدخل الأجنبي في شؤون أي دولة شقيقة، وبالتالي نحن بقينا ملتزمين بموقفنا المبدئي مادام الأمر يعني الليبيين أنفسهم، وليس للجزائر أن تختار الوقوف مع الليبيين في بنغازي أو الليبيين في طرابلس ضد بعضهم البعض، هذا الأمر أغاظ جماعة بنغازي ومن وراءهم، لأنهم كانوا ينتظرون منا أن نكون يدا مرافقة لهم ضد الليبيين في طرابلس.
والسؤال.. لماذا لم نؤيد جماعة معينة في مصر أو تونس، الجواب، لأننا وقفنا مع إرادة الشعوب انطلاقا من عدم التدخل في الشؤون الداخلية، هذا المبدأ نتمسك به ونصر عليه بصفة خاصة عندما يتعلق الأمر بدول شقيقة وجارة.. إذن ممكن أن الإخوان في بنغازي ودعما من آخرين يحاولون أن تتراجع الجزائر عن مواقفها الديبلوماسية، وهذا أمر غير ممكن إطلاقا.
هل تقصد أن الثوار بحملتهم هذه يحاولون دفع الجزائر إلى مساندتهم ضد القذافي؟
يريدون مساندتهم أو مساعدتهم (...) أو على الأقل السير مع الأوساط التي تدعمهم .. الجزائر بصفة واضحة انطلقت من مواقفها في اجتماع الجامعة العربية يوم 12 مارس الماضي، حيث قدمنا مقترحات لو أخذت بعين الاعتبار من طرف الإخوان في الجامعة، ربما كنا نتفادى ما نعيشه اليوم في ليبيا الشقيقة.
ماذا عن الموقف صراحة من قرار مجلس الأمن القاضي بالحظر الجوي على ليبيا.. أليس في ذلك تناقضا؟
الجزائر صرحت بصفة رسمية وواضحة أنها تحترم قرار مجلس الأمن 73 - 19 والقرار الذي سبقه 70 - 19 الذي يمنع تسرب وانتشار الأسلحة بصفة غير قانونية، قلنا نحترم القرار إذا كان هدفه إنسانيا يتعلق بحماية المدنيين، لكن ما يجري اليوم في الساحة الليبية وغيرها، يؤكد وجود نوايا تتحدث عن حلول لم يتحدث عنها القرار صراحة.
سأعطيك مثالا.. الاتحاد الإفريقي قبل اجتماع الجامعة العربية حاول التحرك بمبادرة في اتجاه ليبيا، لكن الوفود الإفريقية لم تتمكن من زيارة ليبيا إلا بعد 15 يوما بسبب غياب الترخيص لأسباب غير واضحة، ونحن نعتقد أنه كان بالإمكان تفادي ما يحصل الآن لو أعطيت الفرصة للرؤساء الأفارقة الخمسة حتى يتحاوروا مع الطرفين من أجل الوصول إلى حل سلمي.. الاتحاد الإفريقي الوحيد الذي بإمكانه التحاور مع الطرفين.
حل الأزمة في ليبيا يجب أن يكون بعيدا عن النوايا والزوايا الضيقة، التي سمحت إلى يومنا هذا للمجلس الانتقالي الليبي أن يلوث الأمور نوعا ما حتى يلوث الحقيقة.
ما هي هذه الحقيقة التي يسعى الثوار إلى تلويثها حسبكم؟
الحقيقة هي أن هناك أطرافا تغذي العنف وأخرى تغذي السلام في ليبيا، والجزائر من الصنف الثاني وبصفة واضحة وبدون تمييز بين الليبيين.
هناك من يرى أن ما قامت به الدبلوماسية الجزائرية لحد الآن غير كاف لتكذيب إشاعة المرتزقة.. لماذا لم تفكروا في إرسال مبعوثين الى بنغازي لتوضيح واستيضاح الأمور؟
ليس للجزائر علاقات مع بنغازي رسميا ولا علاقات مع طرابلس بشأن القضية الليبية، الجزائر سلمت أمرها للاتحاد الإفريقي الذي يتكلم باسم الجزائر وباسم كل الدول الإفريقية، وعندما تكون لدينا رسائل معينة نحرص على تمريرها للمعنيين عبر الاتحاد الإفريقي.
لكن المجلس الانتقالي الليبي لم يتوقف عن هذه الاتهامات، بل أصبح يتبناها بشكل رسمي؟
الإصرار على هذه الادعاءات بدون أدلة يضعف موقف المدعين ولا يقوّيها، وبالمقابل يقوي موقف الجزائر.
أين وصلت الشكوى التي أودعها هذا المجلس ضد الجزائر لدى الجامعة العربية؟
أنا لا اعتبرها شكوى وقد رفضتها الأمانة العامة للجامعة العربية لان المجلس الانتقالي ليس عضوا فيها،وبالتالي فإن طلبه كان مرفوضا شكلا ومضمونا ، ونحن لم نتلق أية معلومات بخصوصها إلا عن طريق الصحافة، وتلك المعلومات تؤكد أن الإخوان في بنغازي لا يملكون أي دليل بشأن مزاعمهم، لأن المعلومات التي ضمنوها ورقتهم تشير إلى حركة جوية عادية، مدنية وعسكرية، كانت قبل صدور قرار مجلس الأمن، وكان هدفها إجلاء الرعايا الجزائريين والأجانب فقط.
وبعد ذلك انقطعت العلاقات الجوية مدنيا وعسكريا، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن الاتهامات، فالأمر واضح وضوح الشمس، فمن يتحرك في الحدود، يبقى مفضوحا بالنسبة لمن يتحكم في سماء ليبيا.. ثم هل يمكن لمن له إرادة أو يرغب في دعم جماعة بنغازي أو غيرهم أن يعمل في الخفاء، في ظل المراقبة الشديدة وتسجيل كل التحركات بالصورة من قبل قوات التحالف، بل من حقنا أن نتساءل اليوم: هل هناك سلاح يدخل من الخارج لهذا الطرف الأول والثاني؟
ليس لدينا معلومات، لكن هذا ما يأتي على لسان بعض الأوساط التي لها علاقة مباشرة مع الإخوان في ليبيا.
هناك أطراف تدفع الثوار لاتهام الجزائر، ويوجد حديث عن أطراف معارضة في الخارج، أطراف فرنسية، أطراف مغربية، ألا يمكن للجزائر أن ترد على هذه الأطراف وتفضح نواياها بشكل مباشر؟
الجزائر مطمئنة، ومن يحاول خلق بلبلة داخلها لن ينجح، وبالتالي انطلاقا من عمليات التشويش التي تغذي الوضع في ليبيا، يجب التأكيد بأن هدف هؤلاء المشوشين هو "تبريد" مواقف الجزائر الدولية والإقليمية، وهذا هو هدفهم وأجندتهم.. الجزائر ستبقى وفية لمبادئها، وربما من المبادئ التي يجب تعزيزها هو مبدأ حسن الجوار لتحقيق التلاحم والمحبة والعلاقات الحميمية بين كل الجيران.
وما هي خارطة الطريق في رأيكم لإنهاء الأزمة؟
ليس هناك من غير الليبيين الذين بإمكانهم حل الأزمة داخليا ودون أي تدخل.. لابد من المحافظة على وحدة ليبيا واستقرارها وليس غير الليبيين الذين بإمكانهم تحقيق ذلك، تحقيقا لفائدة الليبيين وفي فائدة المصالحة بينهم وبالتالي في فائدة المنطقة كلها.. فالحل السياسي هو في رأينا الطريق الوحيد للأزمة.
ألا تعتقدون أن الحل السياسي الذي تتكلمون عليه أصبح صعبا بسبب حمام الدم الذي سال، خاصة وقد رفض الثوار مبادرة الاتحاد الإفريقي التي قبلها القذافي؟
يجب أن نسجل بأن دعاة الحل العسكري كحل نهائي بدأوا الآن يتراجعون وأصبحوا يتكلمون عن الحل السياسي ليس بالشروط المسبقة التي كانوا يعلنونها، ولكن بنوع من التفتح على قناعة بأنه لا بد أن يكون حوار بين الليبيين الذين يختارون نظامهم ودولتهم. وقد لاحظنا مؤخرا نوعا من التقارب بين مواقف التحالف والاتحاد الإفريقي، وإن كنا لم نصل إلى توافق، لكن الحل السياسي يبقى هو الحل، ولذلك لابد من استرجاع الهدنة لتكون منظمة ومراقبة، وكل هذه اقتراحات وآليات جاءت على لسان الاتحاد الإفريقي.
هل يتضمن الحل السلمي رحيل القذافي؟
رحيل القائد القذافي لا يجب أن يكون شرطا مسبقا، ولكن كاحتمال من بين الاحتمالات الأخرى إذا أراد الليبيون ذلك، الجزائر تحترم قرار الشعب الليبي، ويبدو لي أن هناك نوعا من التحول في البلدان الأخرى التي كانت تطرح رحيل وإقصاء القذافي كشرط مسبق، لكنها اليوم تيقنت بأن ذلك من غير الممكن إذا لم يقرر الليبيون ذلك، أي لابد من الحوار والنقاش.
على ذكر حسن الجوار، يرشح البعض ثوار ليبيا لاستلام زمام الأمور بعد رحيل القذافي بطريقة أو بأخرى.. في ظل توتر العلاقات بين الجزائر والمجلس الانتقالي، كيف ترون مستقبل العلاقات مع ليبيا؟
هذا احتمال غير وارد اليوم، ممكن الحديث بشأنه إذا تم بالفعل، لكن اليوم فهو غير وارد.. وبالتالي أنا اغتنم هذه الفرصة لأثمن موقف الجزائر القاضي بوحدة ليبيا، لأن هذا الموقف هو موقف الليبيين أنفسهم مهما كان الطرف الذي يصل إلى الحكم بعد ذلك.
يعني احتمال التقسيم وراد؟
احتمال التقسيم ربما وارد في بعض الأجندات، ولكن الموقف الليبي سواء في بنغازي او طرابلس هو دائما من اجل العمل على وحدة ليبيا.
إلى أن يثبت العكس، معمر القذافي هو زعيم ورئيس ليبيا، هل هناك اتصالات بين النظام الليبي والجزائر حاليا؟ وهل هناك طلب لأداء دور الوساطة، وما حقيقة الزيارة التي قام بها مبعوث القذافي إلى الجزائر؟
ليبيا لازالت دولة.. وللجزائر علاقة رسمية مع ليبيا لازالت جارية، والأزمة التي تعيشها لا تمنعها من اتصالات رسمية مع الآخرين، وأشرتم إلى زيارة نائب الوزير///// الليبي الذي زار الجزائر وتونس والمغرب ودول أخرى، هدفها توصيل رسائل حتى يبلغوننا بموقفهم من الأحداث، مثلما تعمل جماعة بنغازي على طريق حلفائها.
بالنسبة للجزائر لدينا سفارة في ليبيا ولليبيا سفارة بالجزائر تعملان بطريقة عادية، رغم أن الظروف استثنائية.
وماذا عن وساطة الجزائر؟
الطرف الممثل اليوم لرؤية الجزائر هو الاتحاد الإفريقي، أي الوساطة الإفريقية الحاملة للحلول السياسية كحل وحيد للأزمة الليبية، والجزائر تبقى ليست طرفا مباشرا أو معزولا أو أحاديا في الأزمة الليبية.
الحديث عن التدخل العسكري، هل يوحي بمخاوف وهل نحن أمام عراق أو أفغانستان جديد بليبيا، بمعني ألا تتخوفون من عسكرة المنطقة؟
التخوف موجود.. الجزائر كانت من بين الدول التي حذرت من هذا التخوف منذ البداية، اليوم التخوف ربما ازداد، وأصبح الآن تخوفا جوهريا، لأن الإرهاب يتغذى من الانتشار الخطير للسلاح، وأكثر من هذا، هناك تصريح من "القاعدة" التي اعترفت بوجود 5 إمارات داخل ليبيا.
يجب أن نذكر بأن الجزائر دفعت الثمن غاليا حتى تسترجع استقرارها الأمني والسياسي والاقتصادي، وعليه فإن انعكاسات ما يجري في ليبيا أصبح واقعا على دول الجوار بما فيها الجزائر، لكن ليست الوحيدة فتونس ومصر ودول الساحل معنية بتلك الانعكاسات الخطيرة أيضا.
من المسؤول بالدرجة الأولى عما يحدث في ليبيا؟
المجتمع الدولي والتاريخ يسجل من هو من المسؤول عن هذه "النهضة الإرهابية"، نحن مسؤوليتنا اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية الحدود الوطنية، ومسؤوليتنا الديبلوماسية والسياسية تنبيه الأطراف المعنية حتى نجعل من محاربة الإرهاب ليس همّا جزائريا ولكن دوليا.
ألا تعتقدون بأن الانعكاسات الأمنية قد تستغل كمبرر لإقامة قواعد عسكرية بالمنطقة باسم محاربة الإرهاب في الصحراء ومنطقة الساحل؟
المحاولات كانت موجودة ويمكنها أن تعود، لكن نحن دائما نعمل على أساس ضرورة استقرار المنطقة كهدف ونتيجة مسجلتين على دول المنطقة أولا، وقبل كل شيء، ونحن متفتحين على التعاون مع الآخرين اذا كان يخدم السلم والاستقرار والتنمية، ونرحب بذلك.
لكن، نحن اليوم وغدا وبعد غد ضد كل وجود عسكري او غير عسكري أجنبي في منطقتنا.
الوضع الإنساني في ليبيا كارثي، وكتائب القذافي بالدرجة الأولى متهمة بإبادة جماعية للمدنيين واستخدام المرتزقة، لماذا تأخرت الجزائر في تقديم مساعدات إنسانية مقارنة بدول اخرى؟
بالعكس، قدمنا مساعدات وكنا من الأوائل، وشاركنا في إجلاء رعايا أجانب مرّوا عبر حدودنا لعدة أسابيع، وقدما مساعدة لا بأس بها بالنسبة للشقيقة تونس التي كانت ومازالت تعاني من الهجرة الجماعية نحوها.. أما بالنسبة للبرنامج الشامل الذي يجب أن يكون انسانيا وموجها لمختلف الأطراف الليبية، فهو مدروس في خارطة الطريق ضمن برنامج الاتحاد الافريقي، والجزائر ستشارك فيه إن شاء الله.
لماذا لم يستنسخ برأيكم النموذج التونسي والمصري في ليبيا، وما هو موقفكم مما يجري في اليمن وسوريا؟
إذا قمنا بمقارنة في بعض الدول العربية وليبيا وإن كانت مقارنة سطحية، نرى أن للوضع في ليبيا ميزة خاصة هي التدخل الأجنبي منذ انطلاق الأزمة عكس ما جرى بتونس، ثم في مصر، وهو ما يشجع على التساؤل: لماذا هذه الانطلاقة السريعة للقوات الأجنبية باتجاه ليبيا الشقيقة؟
قرارات مجلس الأمن التي تحترمها الجزائر بالطبع، هل هي محترمة من طرف كل الدول، نخشى ان ليبيا أصبحت اليوم في مواجهة أزمة مختلفة الأبعاد.. هناك حسابات سياسية متعلقة بوجود أو عدم وجود السلطة الليبية التي تمثل اليوم رسميا الدولة الليبية، لكن ممكن ان هناك حسابات سياسية، لا يمكن الإجابة عنها اليوم ويمكن الاطلاع عليها ليس كجزائر وإنما كمجتمع دولي حتى نتجنب نهائيا تلك الحسابات التي ممكن أن تعمل على أجندة لتفكيك الجهة ودول المنطقة.
الثورات الشعبية، أو رياح التغيير، في تحليلكم هل هي نابعة من إرادة داخلية، أم نتيجة "أياد أجنبية" وأجندات خارجية، خاصة وأنها جاءت مباشرة بعد ما عرف بتسريبات وكيليكس؟
لاحظنا أن الأمر عندما تعلق بتونس كان هناك تحرك شعبي تقوّى يوما بعد يوم، أي لا يمكن القول أن ثمة إيعازا واضحا من الخارج في تونس، لكن بعد ما انتشر الوضع إلى مصر واليمن وغيرها من الدول العربية، هل يمكن ان نقول بأن هذا الانتشار محسوب مائة بالمائة على إرادة الشعوب، أم محسوب نسبيا على إرادة او حسابات دولية، فهذا سؤال وجيه سيجيب عليه التاريخ.
لكن رأيي الشخصي فإننا اليوم أمام العولمة، مثلما هو الأمر بالنسبة للاقتصاد والسياسة، التي أصبحت اليوم ليست معزولة عن دولة ما، وإنما تتغذى من الاتصال في إطار العولمة، فهناك اتصالات وتحالفات جديدة مكشوفة أو غير مكشوفة.. لكن لا استطيع أن أجيب إن كانت هذه التفاعلات لها نوايا ايجابية او نوايا أخرى، لا استطيع الإجابة.
بصراحة هل الجزائر في منآى عن هذه الثورات الشعبية؟
الشعب الجزائري اختار طرقا أخرى وكانت له انتفاضات تعيشها اليوم دول عربية أخرى، وهذا لا يعني انه ليس هناك مشاكل في الجزائر.. مشكل الجزائر اليوم هو طموحاتها وطموحات شعبها وشبابها، وكثير من مشاكل الجزائر نابعة من الإمكانات الموجودة اليوم، ولم تكن موجودة من قبل، وكيف نوزع هذه الإمكانات بطريقة عادلة لكل أقطاب المجتمع، ونوزع الأمل حتى نلبي كل المطالب.
دور الدولة مهم، لكنه غير كاف، الدور الأساسي اليوم يأتي من المجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية، والشعب الجزائري الذي تبقى الحكومة تحت تصرفه.
هل تلقيتم اتصالات دولية ايجابية أو سلبية، غير معلنة، بعد خطاب رئيس الجمهورية الذي أعلن فيه عن حزمة من الإصلاحات؟
تلقينا ردودا ايجابية من فرنسا وأكثر ايجابية من الولايات المتحدة الأمريكية، وكذا اتصالات من سفراء دول أخرى بالجزائر، تؤكد ان الخطاب تضمن خطوات ايجابية.. لكن هذه الخطوات يختلف في تحليلها، البعض يرى انها جاءت تبعا لتسجيل احتجاجات، والبعض الآخر قال انها كانت تتمة لإصلاحات عمرها 10 سنوات.
لقد أدخلنا الاصلاح ضمن منهجية العمل الجزائري منذ عشر سنوات، ونحن في اصلاح مستمر، لكن في هذه المرحلة الحساسة هناك مضاعفة السرعة لإعطاء الفعالية للإصلاح، وفي نفس الوقت نجعل من الحوار كنزا بالنسبة للقفزات المستقبلية حتى نأخذ بعين الاعتبار ما يفيد الشعب ويخدم إرادته ويحترمها.
أؤكد ان الإصلاحات ليست بطلب من الآخرين، ولكن هي إرادة الرئيس واستجابة للشعب، في انتظار إجراءات جديدة قريبا نعتبرها كنقطة جديدة لانطلاق قفزة نوعية شاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
أكد الرئيس بوتفليقة من تلمسان انه ليس هناك مشاكل بين الجزائر والمغرب، هل نعتبر هذا مؤشرا على قرب فتح الحدود البرية بين البلدين؟
دولتان مثل الجزائر والمغرب تتعاملان مع حدود مقفلة الى الأبد، هذا ليس معقولا.. لابد من فتح الحدود، لكن يجب خلق الظروف، وعندما يتقرر ذلك، سيطبق بصفة أمينة ومتوازنة لمصالح الطرفين.. كيف نصل الى هذه النتيجة، بفضل التشاور بين المسؤولين، وقد انطلقنا في ذلك منذ 3 أشهر واتفقنا على تبادل الزيارات في قطاعات حساسة جدا، وربما سنستمر في هذه الزيارات الى غاية نهاية السنة، وستنتج منها برامج تعاون، قد يكون تنفيذ نتائجها تشجيع للطرفين على خطوات اخرى بينها، لِمَ لا فتح الحدود؟
هل طويت الأزمة بين الجزائر ومصر، وهل اعتذرت الحكومة المصرية بعد نجاح الثورة على شتم شهدائنا الأبرار من بعض رموز النظام السابق؟
على المستوى الرسمي طويت الأزمة، لكن على المستوى الجماهيري ربما مازالت بعض الحساسيات، مع الوقت لابد أن نعمل من أجل المصالحة الشاملة مع إخواننا في كل الأقطاب العربية والإسلامية وحتى مع دول أخرى.
لكن بالنسبة لمصر وهي في هذه الظروف بالذات، نراها تحتاج الى إعانة وتفهم من الآخرين، وليس من الضروري أن نذكر إخواننا المصريين اليوم بمخلفات مقابلة في كرة القدم، ونحن نثمن مبادرة رئيس الوزراء المصري الذي تكلم مع نظيره الجزائري السيد أحمد أويحيى، وطلب منه ان يتفهم الأمور بشأن ما حدث ويحدث في الملاعب المصرية،وربما استغل المكالمة ليصفي الأجواء ،وهكذا فهمناها على المستوى الرسمي.
لماذا لم تقدم الجزائر مرشحها لأمانة الجامعة العربية، ولماذا تخلت عن مطلبها بتدوير المنصب؟
سأصحح ، الجزائر لم تختر أي مترشح، لقد سجلنا مرشحا قطريا وآخر مصريا، وهناك اجتماع في 15 ماي القادم بالقاهرة، نتمنى ان نصل خلاله إلى توافق حول المرشح، لكننا اليوم لا يمكننا تفضيل هذا المرشح عن ذاك.
الجزائر اليوم في هذه الظروف مثل أغلبية الدول العربية لم تقدم مرشحا، فللجزائر أولويات أخرى بالنسبة لدبلوماسيتها.. وإذا كانت الجزائر لم تقدم مرشحا، فهذا لا يعني أنها غير معنية بالمشاكل العربية، ولازالت موجودة في الجامعة العربية، وهي حاملة لمشروع تقدم الاصلاحات التي كانت انطلاقها من قمة الجزائر في 2005، لكن التداول لا يعني إقصاء أي طرف حتى وإن كان مصريا.
هل قلبت الثورة المصرية الموازين العربية؟
موقف الجزائر بعدم الترشح صرحت به قبل حوالي 7 أشهر، أي ليس له أي علاقة بالثورة المصرية.
صرحتم بعد زيارة الوفد البرلماني الممثل لمجموعة الصداقة الجزائرية الفرنسية الى الجزائر، أن الصداقة مقدسة، هل تعتقدون ان هناك صداقة تستحق التقديس دون الاعتذار عن الجرائم الاستعمارية؟
عندما نتكلم عن الصداقة، فلا نتكلم عن الصداقة مع فرنسا، اما بخصوص قضية العلاقات مع فرنسا فتاريخنا لا ولن يمحى.. إذا كنا نتلقى بكل ارتياح بعض الخطوات التي جاءت عن مصادر رسمية، فإن هذه الخطوات تبقى غير كافية، ويجب تسجيل خطوات اخرى، ليس لنطوي الذاكرة، لكن أقل شيء نصفي الأجواء ونعمل من اجل التعاون الاقتصادي والثقافي والتنمية، مادام لفرنسا والجزائر دور أساسي في المحيط المتوسطي، ومادام نحن متواجدين بفرنسا من خلال الملايين من الجزائريين، ولابد كذلك لهذا التعاون ان يبنى على هذا الأساس ويستفيد منه الجزائريون والفرنسيون بصفة عادلة.
هل يمكن ان نعرف ما دار بينكم وبين نظيركم الفرنسي آلان جوبي، ولم يعلن عنه رسميا؟
إذا كان ليس من الطبيعة الديبلوماسية خاصة في الهاتف، لا تنتظروا مني ان أعلنها اليوم، لأن نظيري أفصح عن نقطة فقط حول ما دار في المكالمة، وكان هناك بيان رسمي لوزارة الخارجية حول المكالمة.
ماذا كان يريد آلان جوبي بالضبط سيد مدلسي؟
مثلما ينتظرون هم تحقيق الإصلاحات في الجزائر، نحن ننتظر أيضا تجسيد النوايا بالنسبة للاستثمارات في الميدان.
أما بالنسبة لموضوع ليبيا، فقد فهمت منه ان فرنسا مع الحل السياسي، وقد تحدث بشكل عابر عن قضية المرتزقة، ولم لكن اساس المكالمة الثنائية.
السيد الوزير، هل نفهم أن الوزير الفرنسي كلمكم بغرض الاستيضاح، أم لغرض آخر؟
الذي جرى لا يعني ان الوزير الفرنسي تكلم مع نظيره الجزائري حتى يسأله، لا بالعكس، كان حوارا متبادلا، ورسائل مشجعة على مقابلات ستكون خلال الأسابيع القادمة حتى تسمح للطرفين بالتدقيق في مواقفهما، خاصة بشأن بعض الأزمات الجهوية التي نعلم نحن وهم أن لنا قراءات يمكن ان تختلف، وبالتالي لابد من الحوار بشأنها حتى نتفاهم بشكل أوضح.
شكرا لك السيد مدلسي.
شكرا لـ"الشروق" على هذا الحوار.
وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي في لقاء مع "الشروق" المجلس الانتقالي لوّث الحقيقة في ليبيا